لانفض الناس من حوله
قائلين بأنّه لو كان مذعناً بصحة دعوته لما خالف قوله في مقام العمل.
سؤال وجواب
نعم يمكن أن يقال : يكفي في الاعتماد
على النبي مصونيته عن معصية واحدة وهي الكذب فالبرهان المذكور على تماميته لا يثبت
إلاّ مصونيته عن خصوص الكذب لا مطلقاً.
أقول
: الإجابة عن هذا السؤال سهلة ، لأنّ
التفكيك بين المعاصي فرضية محضة لا يصح أن تقع أساساً للتربية العامة لما فيها من
الإشكالات.
أمّا
أوّلاً : فانّ المصونية عن المعاصي نتيجة إحدى
العوامل التي أوعزنا إليها عند البحث عن حقيقة العصمة فإن تم وجودها أو وجود بعضها
تحصل المصونية المطلقة للإنسان ، وإلاّ فلا يمكن التفكيك بين الكذب وسائر المعاصي
بأن يجتنب الإنسان عن الكذب طيلة عمره ويرتكب سائر المعاصي ، فإنّ العوامل التي
تسوق الإنسان إلى ارتكابها تسوقه أيضاً إلى اقتراف الكذب واجتياح التهمة.
وأمّا
ثانياً : فلو صح التفكيك بينهما في عالم الثبوت
لا يمكن إثباته ( الداعي لا يكذب أبداً وان كان يركب سائر المعاصي ) في حق الداعي
ومدعي النبوة ، إذ كيف يمكن الإنسان أن يقف على أنّ مدّعي النبوة مع ركوبه المعاصي
واقترافه للمآثم ، لا يكذب أصلاً عندما اضطر إليه حتى ولو صرح الداعي إلى الإصلاح
بنفس هذا التفكيك ، لسرى الريب إلى نفس هذا الكلام أيضاً.
وعلى الجملة : انّ الهدف من بعث الرسل
وإنزال الكتب هو دعوة الناس إلى الهداية الإلهية التي يقوم بأعبائها الأنبياء
والرسل ، ولا يتحقق ذلك الهدف إلاّ بعد