روى بعض المفسرين أنّ كعب بن الأشرف خرج في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أُحد ، ليحالفوا قريشاً ضد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه ، ونزلت اليهود في دور قريش ، فقالت قريش : إنّكم أهل كتاب ، ومحمد صاحب كتاب ، فلا نأمن من أن يكون هذا مكراً منكم ، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ، ففعل ذلك.
ثم قال أبو سفيان لكعب : إنّك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أُميّون لا نعلم ، فأيّنا أهدى طريقاً وأقرب للحق نحن أم محمد ؟
قال كعب : اعرضوا عليّ دينكم ، فلمّاعرض أبو سفيان عليه دينه ، قال كعب : أنتم والله أهدى سبيلاً ممّا عليه محمد.
فأنزل الله سبحانه الآيات التالية :
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً * ... أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ المُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) (١). (٢)
توضيح الاستدلال : أنّه سبحانه ردّ على قولهم ( هَٰؤُلاءِ ( المشركون ) أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ) بوجوه ثلاثة :
الأوّل والثاني : يستفادان من قوله سبحانه : ( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ المُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ) ، فإنّ « أم » بحكم كونها متصلة تدلّ على وجود معطوف
__________________
(١) النساء : ٥١ ـ ٥٤.
(٢) مجمع البيان : ٢ / ٥٩ ، وغيره.