الحِسَابُ ) (١).
ويقول النبي الأعظم : ( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ ) (٢).
والمنشأ الوحيد لهذا الطلب مرّة بعد أُخرى هو وقوفهم على أنّ ما قاموا به من الأعمال والطاعات وإن كانت في حد نفسها بالغة حدّ الكمال لكن المطلوب والمترقّب منهم أكمل وأفضل منه.
وعلى ذلك يحمل ما رواه مسلم في صحيحه ، عن المزني ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « ليُغان على قلبي وإنّي لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة » (٣).
وقد ذكر المحدّثون حول الحديث نكات عرفانية من أراد التعرّف عليها ، فليرجع إلى كتاب « شفاء القاضي ».
يقول العلاّمة المحقّق علي بن عيسى الإرْبِلي : الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى ، وقلوبهم مملوءة به ، وخواطرهم متعلّقة بالمبدأ ، وهم أبداً في المراقبة ، كما قال عليهالسلام : « اعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تره ، فإنّه يراك » فهم أبداً متوجهون إليه ومقبلون بكلّهم عليه ، فمتى انحطوا عن تلك المرتبة العالية ، والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالأكل والشرب والتفرّغ إلى النكاح وغيره من المباحات ، عدّوه ذنباً واعتقدوه خطيئة واستغفروا منه.
وإلى هذا أشار صلىاللهعليهوآلهوسلم : « انّه ليُران على قلبي وإنّي لأستغفر الله بالنهار سبعين مرّة » ولفظة سبعين ترجع إلى الاستغفار لا إلى الرين. وقوله : حسنات الأبرار
__________________
(١) إبراهيم : ٤١.
(٢) البقرة : ٢٨٥.
(٣) صحيح مسلم : ٨ / ٧٢ ، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه. وقوله : « ليغان » من الغين بمعنى الستر والحجاب والمزن.