الآيات ممّا يوهم
ذلك ، أعني قوله :
١. (
مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ
).
٢. (
بِنُصْبٍ
وَعَذَابٍ ).
وقد ظنوا أنّ مسّ الشيطان يستلزم صدور
الذنب منه ، غافلين عن أنّ هذه الجملة عبارة أُخرى عمّا ورد في سورة الأنبياء
بقوله : ( مَسَّنِيَ
الشَّيْطَانُ ).
كما ظنوا أنّ العذاب عبارة عن العقوبة
الإلهية غافلين عن أنّ العذاب عبارة عن كل ما شق على الإنسان ، وهو المراد من التعب
، والنصب ، والوجع ، والألم.
وبالجملة
: لا دلالة للآية على صدور الذنب أبداً ،
إنّما الكلام في بيان ما هي علّة ابتلاء أيوب بهذا الوجع والألم ؟ يتضح هذا
باستعراض الآيات وتفسير مفرداتها فنقول :
قال الراغب : « الضر »
: سوء الحال ، إمّا في نفسه لقلة العلم والفضل والعفة ، وإمّا في بدنه لعدم جارحة
ونقص ، وإمّا في حالة ظاهرة من قلة مال وجاه ، وقوله : ( فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ
) محتمل
لثلاثتها.
غير أنّه يحتمل أن يكون الضر هنا بمعنى
يساوق المرض ، وهو غير المعنى الثاني الذي أشار إليه الراغب ، ولأجل ذلك يقول
العلاّمة الطباطبائي : الضر خصوص ما يمس النفس من الضرر كالمرض والهزال ونحوهما ،
وذيل الآيات يؤيد هذا المعنى.
وأمّا « النصب »
: فهو التعب ، وربّما يفتح كما قال الله سبحانه : (
لا
يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ )
، يقال أنصبني كذا أي أتعبني وأزعجني.
__________________