ويصفهم أيضاً بقوله : ( فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُم مِن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) (١).
ويقول أيضاً : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ) (٢).
نعم انّ قلب الأفئدة والأبصار والطبع عليها ليس أمراً اعتباطياً بل هو نتيجة ما ترتكبه الطغاة من الأعمال ، وقد صرح بذلك القرآن في غير واحدة من الآيات قال سبحانه : ( كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ). (٣) وقال سبحانه : ( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ) (٤).
* الآية السادسة
قوله سبحانه : ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ) (٥).
وهذه الآية تفيد أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مجهزاً بآية معجزة غير القرآن ، ولذلك يقول : ( وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ ) بصورة التنكير ، ولو كان المراد هو الآية القرآنية لناسب تعريف الآية وتبديل ( جَاءَتْ ) ب « أنزلت ».
وقد استعملت الآية في القرآن في نفس المعجزة قال سبحانه : ( وَيَقُولُونَ
__________________
(١) الأحقاف : ٢٦.
(٢) محمد : ٢٢ ـ ٢٣.
(٣) غافر : ٣٥.
(٤) المنافقون : ٣.
(٥) الأنعام : ١٢٣ ـ ١٢٤.