نفسه بعد ذلك أن يخاطب أسامة بالأمير طيلة حياته ، اعترافا بأمارته» (١) بل عرفانا منه بالجميل له.
وقال «رحمهالله» : «أما الشفقة على النبي «صلىاللهعليهوآله» إن لم تكن عذرا آخر تذرعوا به ـ فلا يصح أن تكون سببا حقيقيا ، إذ ينبغي أن يكونوا عليه أشفق بالتحاقهم بالبعث ، وقد غضب أشد الغضب من تأخرهم ، على ما فيه من حال ومرض.
ولئن ذهبوا يسألون عنه الركبان ، كان أكثر برا بنبيهم «صلىاللهعليهوآله» من أن يعصوا أمره ، ويغضبوه ذلك الغضب المؤلم له» (٢).
ثالثا : إنه لا ريب في أنه لو تم غزو تلك البلاد في هذا الظرف بالذات ، وانتظام أمر الخلافة وفق ما رسمه النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فإنه سيكون تأكيدا لهيبة الإسلام ، وتحصينا للدولة الإسلامية من مطامع أهل الزيغ والنفاق في الداخل ، والأعداء المتربصين بها شرا في الخارج ..
وسيعطي الإنطباع بأن مفاهيم وقيما جديدة قد وجدت لها مكانا في ذهنية المجتمع الإسلامي ، وفرضت نفسها في مجال العمل والممارسة ، وأن نفوس الناس قد روضت لتقبل ما كان يكاد يدخل في عداد المستحيلات في السابق ، وهو أن ينقاد شيوخ وزعماء القبائل لشاب هو بمثابة ولد وحفيد ، وليس هو من القبائل التي تمسك بأسباب القوة والنفوذ ، والتي يعترف لها بالزعامة والرياسة على نطاق واسع في ذلك المحيط الذي كانت مفاهيم
__________________
(١) نفس المصدر ص ٧٨ و ٨٠.
(٢) المصدر السابق.