تذكير ضروري : الورع والتقوى :
وقد يدور بخلد بعض الناس السؤال التالي : إنه كيف يمكن أن نصدق أن يقدم عشرات الألوف من الصحابة على مخالفة ما رسمه النبي «صلىاللهعليهوآله» لهم في أمر الخلافة والإمامة. وهم أصحابه الذين رباهم على الورع والتقوى ، وقد مدحهم الله عزوجل في كتابه العزيز ، وذكر فضلهم ، وهم الذين ضحوا في سبيل هذا الدين ، وجاهدوا فيه بأموالهم وأنفسهم؟!
ونقول في الجواب :
إن ما يذكرونه حول الصحابة أمر مبالغ فيه. وذلك لأن الصحابة الذين حجوا مع النبي «صلىاللهعليهوآله» قبيل وفاته ، وإن كانوا يعدون بعشرات الألوف .. ولكن لم يكن هؤلاء جميعا من سكان المدينة ، ولا عاشوا مع النبي «صلىاللهعليهوآله» فترات طويلة ، تسمح له بتربيتهم وتزكيتهم ، وتعليمهم وتعريفهم بأحكام الإسلام ، ومفاهيمه.
بل كان أكثرهم من بلاد أخرى ، بعيدة عن المدينة أو قريبة منها ، وقد فازوا برؤية النبي «صلىاللهعليهوآله» هذه المرة ، ولعل بعضهم كان قد رآه قبلها أو بعدها بصورة عابرة أيضا ، ولعله لم يكن قد رآه.
ولعل معظمهم ـ بل ذلك هو المؤكد ـ قد أسلم بعد فتح مكة ، وفي عام الوفود ، سنة تسع من الهجرة : فلم يعرف من الإسلام إلا اسمه ، ومن الدين إلا رسمه ، مما هو في حدود بعض الطقوس الظاهرية والقليلة.
وقد تفرق هؤلاء بعد واقعة الغدير مباشرة ، وذهب كل منهم إلى أهله وبلاده.
ولم يبق مع رسول الله بعد حادثة الغدير ، الا أقل القليل ، ربما بضعة