ثمّ قال (١) : فائدة : إذا تعارض ما يقتضي إيجاب شيء مع ما يقتضي تحريمه فإنّهما يتعارضان كما قاله في «المحصول» (٢) وغيره ، حتّى لا يعمل بأحدهما إلّا لمرجّح ، لأنّ الخبر المحرّم يتضمّن استحقاق العقاب على الفعل ، والموجب يتضمّنه على التّرك. وجزم الآمديّ (٣) وجماعة (٤) بترجيح المحرّم لاعتنائه بدفع المفاسد.
ولكن ذكر الآمدي وابن الحاجب أيضا أنّه يرجّح الأمر بالفعل على النّهي عنه.
وفي معنى ما ذكرناه ما لو دار الأمر بين ترك المستحبّ وفعل المنهيّ عنه (٥).
ثمّ ذكر له فروعا.
أقول : ومن ذلك يظهر أنّ مرادهم من الجمع بين الدّليلين هو ما ذكرنا من أنّ المراد العمل بها على مقتضى طريقة أهل اللّسان في إخراج الكلام عن الظّاهر ، لا مطلق التّوجيه والتّأويل كيفما اتّفق.
ويظهر بطلان ما قد يتخيّل أنّ الجمع حينئذ أن يحمل الأمر على الرّخصة ، والنّهي على المرجوحيّة ، إذ ذلك خروج عن مقتضى الدّليلين بلا دليل ، فلا بدّ من الرّجوع الى المرجّحات واختيار أحدهما وطرح الآخر بسبب التّرجيح ، أو العمل على أحدهما لو لم يحصل مرجّح من باب التّخيير ، كما سيجيء ، ومطلق الاعتناء بالدّليلين والجمع بينهما لا يصير موجبا للتأويل.
__________________
(١) ص ٢٨٧.
(٢) راجع ٤ / ١٣٠٩.
(٣) في «الإحكام في أصول الأحكام» ٤ / ٢٥٩ ، ٢٦٩.
(٤) كابن الحاجب في «المنتهى» ص ١٦٧.
(٥) انتهى كلام الشهيد.