على ظنّه ، وجواز اعتماد مقلّده عليه وإلّا لزم عليك أن تقول : إنّ مثل الشهيد رحمهالله ممّن يقول بحجّية الشّهرة لا يجوز له العمل على اجتهاده ولا تقليد مقلّده له ، وهو باطل بالإجماع.
فثبت أنّ ما ثبت عليه الإجماع هو حجّية ظنّ المجتهد من حيث هو ظنّه.
فظهر أنّ الإجماع الذي ادّعيت على حجّية الظنّ الحاصل من الكتاب ، ليس من جهة أنّه ظنّ الكتاب بخصوصه ، بل من جهة أنّه ظنّ للمجتهد.
والقول بأنّ ظنّ المجتهد من حيث إنّه ظنّ المجتهد إجماعيّ ، يبطل التمسّك بأصالة حرمة العمل بالظنّ ، وإلّا لزم التناقض.
فإن قلت : إنّا لا نقول بأنّ مثل ظنّ الشهيد رحمهالله ليس بحجّة عليه ولا على مقلّده ولا نقول بأنّه آثم ، بل نقول إنّه مخطئ معذور هو ومقلّده ، ولكن نقول الحقّ والتّحقيق ونفس الأمر حرمة العمل بالظنّ بسبب البرهان وهو الإجماع.
قلت : إنّ الشهيد أيضا يقيم البرهان بسبب انسداد باب العلم وانحصار المناص.
فإن قلت : نمنع انسداد باب العلم لكون القرآن قطعيّ العمل.
قلت : مع أنّ ذلك خروج عن المتنازع إذ المتنازع بعد انسداد باب العلم ، فإذا رجعت الى دعوى عدم انسداد باب العلم فلا بدّ أن نرجع الى إثباته ، ونحن لمّا بيّنا ذلك في بحث خبر الواحد وفصّلناه ، فلا حاجة هنا الى تجديد الكلام في ذلك ، ولكن نقول هنا في الجملة : إنّ ظاهر القرآن على فرض تسليم قطعيّة حجّيته ، لا يثبت إلّا أقلّ قليل من الأحكام.
فإن قلت : أصل البراءة أيضا قطعيّ.
قلت : نمنع أوّلا : قطعيّته لكونه من المسائل الخلافية الاجتهاديّة المبتنية أكثر مواردها على الأدلّة الظنيّة.