آخر خلافه ، واتّفق اجتماع العامّين في فرد كالصلاة في الدّار المغصوبة حكمه ما ذا ، وهل يجوز كون الشّيء الواحد محبوبا ومبغوضا من جهتين أم لا؟
ومثل ما لو أمر الشّارع بشيء مضيّقا وفعل المكلّف في هذا الحين ما هو ضدّه ، فهل يحكم بحرمة الضّد وبطلانه لو كان عبادة أم لا؟
ومثل ما لو أمر الشّارع بشيء ، فالعقل وإن كان يحكم بأنّ فعل مقدّماته ممّا لا بدّ منه في تحقّقه ، لكن الشّارع هل أراد بذلك الخطاب فعل هذه المقدّمات أيضا ، بأن يكون هناك واجبات شرع متعدّدة ، أم الواجب إنّما هو الذي ورد الخطاب به ولا يتعلّق الوجوب الشّرعيّ بمقدّماته ونحو ذلك.
ولا ريب أنّ هذه كلّها من المسائل الفقهيّة ولا بدّ لها من مأخذ ، فلا بدّ من تحقيق الكلام في اجتماع الأمر والنّهي ، وفي أنّ الأمر بالشّيء يقتضي النّهي عن ضدّه الخاصّ أم لا؟ ويقتضي وجوب مقدّمته أم لا؟
والمتكفّل بكلّ ذلك هو علم الأصول.
وأورد الأخباريّون على الاحتياج الى هذا العلم شكوكا واهية ، ولا يخفى اندفاعها على من له أدنى تأمّل ، ولكنّا نذكرها ونجيب عنها لئلّا يتوهّم من لم يطّلع عليها أنّ لها حقيقة ولا يحسب أنّها كلام تحقيقيّ.
فمنها : أنّ علم الأصول قد حدث تدوينه بعد عصر الأئمة عليهمالسلام ، وإنّا نقطع أنّ قدماءنا وحاملي أخبارنا لم يكونوا عالمين بها وقد كانوا يتديّنون بدين أئمتهم عليهمالسلام ويعملون بأخبارهم ، ومع ذلك قرّرهم أئمتهم عليهمالسلام على ذلك ، فاستمرّ ذلك الى زمان ابن عقيل وابن الجنيد ، ثمّ حدث بينهم تدوين علم الأصول.
والجواب عنه : أمّا أوّلا : بأنّ ما ذكره من عدم علم القدماء بهذا العلم محض دعوى ، وعدم اطّلاع المعترض لا يدلّ على العدم ، وعدم تدوين العلم لا يدلّ على