كالمجنون ، بل لا يمكن الجمع في الأخيرين أيضا إلّا من باب الاستلزام الفرضيّ (١).
والحاصل ، أنّه لا يمكن الجمع في تشبيه الخبر بين ذي الاعتقاد ، ولا عن شعور.
فالتحقيق ، أنّ الآية لا تثبت إلّا المخبر لا عن قصد وشعور ، لو اريد التشبيه في طور كلام المجنون وحاله ، أو المخبر عن اعتقاد مع عدم المطابقة للواقع ، لو اريد التشبيه بأفكار المجنون وخيالاته ، ولا يبعد ترجيح الأوّل لكونه آكد في سقوط الاعتبار صورة ومعنى ، ولمقابلته بالافتراء الذي هو الكذب عن عمد. فما ذكره العضدي (٢) أظهر (٣) ووافقه الجماعة أيضا ، فلاحظ الشهيد الثاني رحمهالله أيضا في «تمهيد القواعد» (٤) حيث جعل مذهب الجاحظ
__________________
(١) بأن يقال : انّ شك المجنون واعتقاده الصدق متلازمان لتبدل صورة المعاني في ذهنه أنا فأنا من الشك الى الاعتقاد ومن الاعتقاد الى الشك ، فكلامه حينئذ مشكوك باعتبار ومعتقد باعتبار بحسب ملاحظة زمانين متقاربين ، بحيث كأنّهما زمان واحد ، فكلامه حينئذ مستلزم للشك والاعتقاد فرضا وتصورا وإنّ لم يمكن اجتماع الشك والاعتقاد بحسب الواقع ، والاستلزام الفرضي مجرّد الاستتباع المبني على فرض الفارض هذا كما في الحاشية.
(٢) العضدي : (.... ٧٥٦ ه) عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار ابو الفضل عضد الدين الإيجي ، نسبة الى إيج ويسمونها إيك ، وهي بنواحي شيراز. كان عالما بالأصول والمعاني والبيان والعربية وله تصانيف مشهورة منها «شرح مختصر المنتهى» ـ في اصول الفقه ـ لابن الحاجب. حيث يعدّ هذا الشرح من عيون المراجع الأصولية حتى انتشر في الآفاق ولهج به الدارسون والمدرّسون ووضعت عليه حواشي كثيرة منها «حاشية سعد الدين التفتازاني» ، و «حاشية الشريف الجرجاني» المعروف بالسيّد ، و «حاشية حسن الهروي».
(٣) من حيث الندرة.
(٤) ص ٢٤٧.