الواسطة فإنّما تثبت واسطة واحدة من الوسائط وهو الخبر لا عن شعور الغير المطابق للواقع كما هو معتقدهم على ما فهمه العضدي.
وذكر شيخنا البهائيّ رحمهالله (١) : إنّ الثابت بها ثلاث وسائط : الخبر لا عن قصد وشعور ، ومع الشكّ في مطابقة الواقع ، ومع اعتقادها ، بأن يكون في زعمهم الفاسد أنّ الشكّ في الصدق لا يكون إلّا عن مجنون ، فكيف اعتقاد الصّدق!
أقول : توضيحه ، أنّ الكفّار يقولون : إنّ خبره صلىاللهعليهوآله مخالف للواقع جزما ، فإن كان مع إخباره بثبوته يعتقد عدم المطابقة للواقع ، فهو كذب ، ولا ينافي طريقة العقل ، وإن كان يعتقد المطابقة للواقع أو يشكّ في المطابقة وعدمها ، فهو مجنون ـ يعني شبيه بالمجنون ـ حيث إنّ الشكّ في المطابقة وعدمها لا يصدر عن عاقل ، ولا ينبغي أن يصدر مثله إلّا عن المجنون ، فضلا عن اعتقاد المطابقة.
ويرد على ما ذكره : أنّه لا يثبت إلّا واسطتين ، لأنّه لا يبقى حينئذ مجال لإدخال ما لا قصد فيه ولا شعور في الكلام ، لأنّ التشبيه بالمجنون إمّا من جهة خيالاته وأفكاره ، أو من جهة مطلق تكلّماته وأطواره (٢) ، ولا يمكن الجمع بينهما في التشبيه ، فإنّ خبره صلىاللهعليهوآله أمر واحد وجزئيّ حقيقيّ موجود في الخارج لا يقبل إلّا أحد المحتملات (٣) الثلاثة : إمّا كونه لا عن شعور العياذ بالله ، أو عن اعتقاد المطابقة ، أو مع الشكّ ، ولا يجتمع أحد الاحتمالات مع الآخر في الوجود. فإمّا يقال أنّه يقول لا عن شعور كالمجنون ، أو يقال أنّه يشكّ كالمجنون ، أو يعتقد المطابقة
__________________
(١) راجع «الزبدة» ص ٨٨ ، فإنّه قد تستفيد من بعض كلام متنه وحواشيه ما يذكره المصنّف.
(٢) فكلامه عن غير قصد وشعور.
(٣) وقد دفع في «الفصول» ص ٢٦٥ مع أورده المصنّف.