المؤمن أنّه لا يفعل ذلك ، إلّا خطأ أو المراد الرّخصة فيما حصل له الظنّ بالجواز ، كما إذا حسبه المؤمن صيدا وقتله ، أو حربيا بسبب اختلاطه معهم (١). ولا ينحصر الخطاء فيما لو لم يكن فيه قصد حتّى لا يصحّ الاستثناء من عدم الرّخصة (٢).
الثالثة :
اختلفوا في تقرير الدّلالة في الاستثناء من جهة كونه تناقضا بحسب الظاهر (٣).
فقيل : إنّ المراد بالعشرة مثلا في قولنا : له عليّ عشرة إلّا ثلاثة هو معناه الحقيقي ، ثم أخرج الثلاثة بحرف الاستثناء ، ثمّ أسند الحكم الى الباقي ، أعني السّبعة. فليس في الكلام إلّا إسناد واحد ، فلا تناقض ، اختاره العلّامة وأكثر المتأخّرين (٤).
والأكثرون ومنهم السّكاكي في «المفتاح» على أنّ المراد بالعشرة هو السّبعة ، وحرف الاستثناء قرينة المجاز.
والقاضي أبو بكر على أنّ مجموع عشرة إلّا ثلاثة اسم لسبعة ، كلفظ سبعة.
وأوسط الأقوال أوسطها (٥) لبطلان القولين الآخرين ، ولا رابع.
أمّا بطلان الأوّل ، فلأنّه يستلزم أن لا يكون الاستثناء من النّفي إثباتا ، كما هو
__________________
(١) راجع «الذريعة» : ١ / ٢٤٧ ، و «العدة» : ١ / ٣١٨ ، و «التهذيب» : ص ١٣٩ لزيادة الإفادة.
(٢) في قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ).
(٣) وهذا لورود حكمين مختلفين نفيا واثباتا على المستثنى.
(٤) كالحاجبي.
(٥) أي وأوجه الأقوال أوسطها أو وأوسط الأقوال أوجهها.