ثلاثية (١). ثالثها : الإخبار بدون اعتقاد.
والظاهر أنّ المراد بالاعتقاد هو قابليّته ليدخل الشكّ أيضا ، ولذلك لم يلتفت الجماعة(٢).
ثمّ إنّ لي هنا كلاما طارفا لم يلتفت إليه من قبلي ، هداني إليه التأمّل فيما ذكره شيخنا البهائي رحمهالله من فروع هذه المسألة في «حواشي زبدته» (٣) فقال : وممّا يتفرّع على كون صدق الخبر وكذبه مطابقته للواقع وعدمها أم لا ، إنّ المدّعي لو قال بعد إقامة البيّنة : كذب شهودي ، فعلى المذهب المختار تسقط دعواه ، وكذا على مذهب الجاحظ ، وعلى مذهب النّظام لا تسقط دعواه.
ولو قال : لم يصدق شهودي ، فإنّ دعواه على المختار تسقط دون المذهبين الأخيرين(٤).
ولو قال له المنكر : صدق شهودك ، فهو إقرار على المذهبين (٥) دون مذهب النّظام.
ولو قال : لم يكذبوا ، فهو إقرار على المختار دون المذهبين الأخيرين.
وممّا يتفرّع على هذا الخلاف أيضا ما لو قال المنكر : إن شهد فلان فهو صادق ،
__________________
(١) وعبارته هكذا : المحققون على أنّ الخبر إمّا صدق أو كذب ، والصدق وهو المطابق للواقع والكذب غير المطابق. وجعل الجاحظ بينهما واسطة فقال : الصدق هو المطابق مع اعتقاد كونه مطابقا ، والكذب هو الذي لا يكون مطابقا مع اعتقاد عدم المطابقة ، فأما الذي ليس معه اعتقاد فإنّه لا يوصف بصدق ولا كذب مطابقا كان أم غير مطابق ، فالقسمة عنده ثلاثيّة.
(٢) أي ما ذكره الشيخ البهائي لم يلتفت إليه الجماعة.
(٣) ص ٨٨.
(٤) أي النظّام والجاحظ.
(٥) المذهب المختار والجاحظ.