الوصيّ ، وكذلك كلّ من أشرب قلبه حبّ خلاف ما اقتضاه المتواتر ، لا يمكن حصول العلم له إلّا (١) مع تخليته عمّا شغله عن ذلك إلّا نادرا.
الثالث :
اختلفوا في أقل عدد التواتر (٢).
والحقّ : أنّه لا يشترط فيه عدد ، وهو مختار الأكثرين. فالمعيار هو ما حصل العلم بسبب كثرتهم ، وهو يختلف باختلاف الموارد ، فربّ عدد يوجب القطع في موضع دون الآخر.
وقيل : أقلّه الخمسة (٣) ، وقيل : اثني عشر (٤) ، وقيل : عشرون (٥) ، وقيل : أربعون(٦).
__________________
(١) وهكذا يكون الشرط المذكور غالبا وليس بدائم.
(٢) حتّى منهم من قال : يحصل باثنين اعتمادا على نصاب الشهادة ، وقياسا على البيّنة المالية.
(٣) قيل أنّه للقاضي واستفيد هذا القول وحجته انّ ما دونه الأربعة لا يفيد العلم وإلّا لحصل بقول شهود الزنا ولم يحتاج الى التزكية وهو باطل بالاجماع ، نسب ابن السمعاني هذا القول إلى أكثر أصحاب الشافعي ، ونسبه ابن السبكي في «جمع الجوامع» الى جميع الشافعية.
(٤) على عدد نقباء بني اسرائيل لقوله تعالى : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) المائدة ١٢.
وقد خصهم بذلك لحصول العلم بخبرهم.
(٥) لقوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) الانفال ٦٥ ، وإنّما خصّهم بذلك لحصول العلم بما يخبرون به. ونسب الرازي في «المحصول» ٣ / ٩٢٥ ، والزركشي في «البحر المحيط» هذا القول الى أبي الهذيل المعتزلي ، وبعض المعتزلة.
(٦) لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الانفال : ٦٤ ، فهذه الآية نزلت في أربعين كما في الحاشية. أو لعدد الجمعة عند العامة.