الأفعال المنسوبة إلى ذوي الإرادات ، ولذلك ذكر في خيار المجلس المستفاد من قوله عليهالسلام : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» (١) ، أنّ التفارق على غير الاختيار ، لا يوجب انقطاع الخيار ، بل لا يبعد إجراء ذلك في نفي الأفعال فيعتبر في عدم الافتراق أيضا القصد والاختيار (٢). ولو سلّم عدم المدخليّة للقصد في الموضوع له ، ولا من جهة الاستعمال ، فنقول : إنّ الدّليل لمّا دلّ على ما اخترناه من مذهب المشهور ، فنحمله هنا على إرادة القصد ولو كان مجازا جمعا بين الأدلّة.
وربّما يجاب (٣) : بأنّه ترديد بين الكذب وما ليس بخبر ، فإنّ الكلام الذي لا قصد معه ليس بخبر.
وفيه : أنّ مدخلية القصد (٤) في كون الكلام خبرا ممنوع ، إلّا أن يمنع كونه كلاما حينئذ وهو كما ترى.
واعلم أنّ هذه الآية على فرض تسليم دلالتها ، فإنّما تدلّ على ثبوت الواسطة لا على تحقيق معنى الصدق والكذب ، فإنّ غاية ما ثبت من الآية إطلاق الكذب فيها على ما خالف الواقع والاعتقاد بزعمهم ، وأمّا انحصاره فيه ، فلا. وإذا لم يثبت حقيقة الكذب منها فالصدق بالطريق الأولى (٥). ثمّ على فرض تسليم إثبات
__________________
(١) «الكافي» : ٥ / ١٧٠ ح ٦ ، «الخصال» : ١٢٨ ح ١٢٨.
(٢) عطف تفسيري.
(٣) عن كلام الجاحظ.
(٤) خلافا للمرتضى الذي ذهب الى أنّ الخبر لا يتحقق إلّا مع قصد المخبر استناد الى وجوده من السّاهي والحاكي والنّائم ، ومثل ذلك لا يسمّى خبرا على ما حكى عنه الشهيد في «الدّراية» ص ٥٨ ، فحصل في مسألة صدق الكذب قول آخر.
(٥) فإذا كانت الآية منساقة في خبر الكاذب ولم يتحقق منها حقيقة الكذب ، فالصدق الذي كانت الآية غير منساقة له بالأولى.