أميرالمؤمنين عليه السّلام ، وقد شرحها بالفارسية الرشيد الوطواط وسمّاها «مطلوب كلّ طالب من كلام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب». وقال الجاحظ في وصفها ـ ونعم ما قال ـ : «كل كلمة منها تفي بألف من محاسن كلام العرب».
وهذا أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي ، المُتوفّى سنة ٣٤٦ هـ ، وتاريخ وفاته سابق لولادة الشريف الرضي برهاء ثلاث عشرة سنة ، لأن ولادة الرضي كانت سنة ٣٥٩ هـ ، قد نصّ في «مروج الذهب» بما هذا لفظه فيه : «والذي حفظ الناس عنه عليه السّلام ـ يعني به أميرالمؤمنين علياً ـ من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف ثمانون خطبة يوردها على البديهة وتداول الناس ذلك عنه قولاً وعملاً» (٣).
والعجب أنّ الشريف الرضي مع قرب عهده من المسعودي أتى في النهج ـ من خطبه عليه السلام ـ بما يبلغ نصف العدد الذي نصّ عليه صاحب المروج أو أقلّ منه.
ونحو الطعن المومى إليه ما افتراه بعض المخالفين على الرضي من أن الخطبة الشقشقية ـ وهي الخطبة الثالثة من النهج ، وقد رواها الفريقان بطرق عديدة ـ من مجعولات الرضي وموضوعاته ، نسبها إلى علي وأدرجها في أثناء خطب النهج.
وأنا أقول : ما جرى بين مصدّق بن شبيب وشيخه ابن الخشّاب ـ فيها ـ معروف مشهور ، قد نقله الشارحان ؛ ابن أبي الحديد ، والبحراني ، فالأول في آخر شرحه عليها ، والآخر في أوله. وقد أتى بها ابن أبي جمهور الأحسائي في «المجلّى» أيضاً (٤). وهي ـ كما قلنا ـ قد رويت بطرق كثيرة روتها الخاصّة والعامة (٥).
وأمّا ما في الوفيات وتاريخ اليافعي من أن الناس قد اختلفوا في النهج هل المرتضى جمعه أو الرضي ؟ فيدفعه ما قاله جامع النهج في مقدمته له : «فإني كنت في عنفوان السن وغضاضة الغصن ابتدأت بتأليف كتاب في خصائص الائمة عليهم السّلام يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم ...».
وكذا قال في آخر الخطبة ٢١ من النهج ما هذا لفظه : «وقد نبّهنا في كتاب الخصائص على عظم قدرها وشرف جوهرها» ، ولا كلام في أن خصائص الأئمة من
________________________________
(٣) مروج الذهب ٢ : ٤٣١ ، طبعة مصر.
(٤) المجلّى : ٣٩٣ ، الطبعة الاُولى.
(٥) اُنظر بحار الأنوار ٨ : ١٦٠ ، الطبعة الاُولى.