إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تراثنا ـ العدد [ ٥ ]

268/304
*

اكذوبتان حول الشريف الرضيّ

السيّد جعفر مرتضى العاملي

الشريف الرضي هو ذلك الرجل العظيم ، الذي يمتلك الشخصية الفذة ، التي يعنو لها كل عظماء التاريخ الذين جاؤا بعده بالإجلال والإكبار ، وكانت ولا تزال تستأثر منهم ، ومن كل مفكّر ونيقد بأسمى آيات العظيم والتكريم ، حيث يجدون فيها كل الخصائص الإنسانية النبيلة ، التي تملأ نفوسهم ، وتنبهر بها عقولهم ، وتعنو لها ضمائرهم ..

ولعلّ من يسبر ثنايا التاريخ لا يكاد يعثر على أي مغمز أو هنّات في شخصية هذا الرجل العملاق على الإطلاق ، بل على العكس من ذلك تماماً ... فإنك مهما قرأت عن حياة هذا الرجل ، فإنك لن تجد إلّا آيات المدح والثناء ، والمزيد من الإعجاب والإطراء ، من محبيه ومناوئيه على حد سواء.

إلا انّنا ـ مع ذلك ـ لا نستطيع أن نولي هذا التاريخ كل الثقة ، ولا أن نمنحه كل الطمأنينة ... فلعل ... وعسى ... وقد ... ولربما.

فما علينا إلّا أن ندرس التاريخ ونصوصه دراسة مستوعبة وشاملة ، من شأنها أن تقضي على كل أمل بالعثور على المزيد مما له مساس بهذه الشخصية أو بتلك ، كما أن علينا أن نهتمّ بكل صغيرة وكبيرة ، وأن لا نعتبر هذا تافهاً ، وذاك ثميناً ، إلّا بعد البحث والتمحيص والتدقيق والمعاناة ، فالتافه ما أثبت البحث تفاهته وكذبه وزوره ، والثمين ما استمد قيمته من صدقه ومن واقعيته ، وذلك هو ما يثبت أصالته وجدارته أيضاً.

وبالنسبة للشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه كان الأمر من هذا القبيل ، فرغم أن البحث المستقصى قد أثبت عظمته وجدارته ، وأبان بما لا يقبل الشك عن نبله ،