ذكره ونسبه إلى حلوان فظنّ أنه ليس في الدنيا موضع يقال له حلوان إلا التي في العراق ، وفيما بلغني ثلاث وقد ذكرناها في موضعها ، ومما يحقق كونه بمصر بعد أن ذكره الشابشتي في ديرة مصر قول كشاجم :
سلام على دير القصير وسفحه |
|
فجنات حلوان إلى النّخلات |
منازل كانت لي بهنّ مآرب ، |
|
وكنّ مواخيري ومنتزهاتي |
إذا جئتها كان الجياد مراكبي ، |
|
ومنصرفي في السفن منحدرات |
ولحمان مما أمسكته كلابنا |
|
علينا ومما صيد بالشبكات |
وأين الصيد بالشبك والانحدار في السفن من حلوان إلى العراق؟ ولمحمد بن عاصم المصري فيه :
إن دير القصير هاج ادّكاري |
|
لهو أيامنا الحسان القصار |
وزمانا مضى حميدا سريعا ، |
|
وشبابا مثل الرداء المعار |
ولو ان الديار تشكو اشتياقا |
|
لشكت جفوتي وبعد مزاري |
ولكادت تسير نحوي لما قد |
|
كنت فيها سيّرت من أشعاري |
وكأني إذ زرته بعد هجر |
|
لم يكن من منازلي ودياري |
إذ صعودي على الجياد إليه ، |
|
وانحداري في المعتقات الجواري |
بصقور إلى الدماء صواد ، |
|
وكلاب على الوحوش ضوار |
منزلا لست محصيا ما لقلبي |
|
ولنفسي فيه من الأوطار |
منزلا من علوّه كسماء ، |
|
والمصابيح حوله كالدراري |
وكأنّ الرهبان في الشعر الأس |
|
ود سود الغربان في الأوكار |
كم شربنا على التصاوير فيه |
|
بصغار محثوثة وكبار |
صورة في مصوّر فيه ظلّت |
|
فتنة للقلوب والأبصار |
أطربتنا بغير شدو فأغنت |
|
عن سماع العيدان والمزمار |
لا وحسن العينين والشفة اللم |
|
ياء منها وخدها الجلّنار |
لا تخلّفت عن مزاري دهرا |
|
هي منه ولو نأى بي مزاري |
وقال كشاجم فيه أيضا :
ويوم على دير القصير تجاوبت |
|
نواقيسه لما تداعت أساقفه |
جعلت ضحاه للطّراد وظهره |
|
بمجلس لهو معلنات معازفه |
وأغيد معتمّ العذار بجمّة |
|
أخالسه أثمارها وأخاطفه |
أما تريان الروض كيف بكى الحيا |
|
عليه فأضحت ضاحكات زخارفه |
تسربل موشيّ البرود وأعلمت |
|
حواشيه من نوّاره ومطارفه |
وناسب محمرّ الخدود بورده ، |
|
وللصبّ منه منظر هو شاعفه |