الجماجم لأنه كان يعمل فيه الأقداح من الخشب ، والجمجمة أيضا : البئر تحفر في سبخة ، فيجوز أن يكون الموضع سمي بذلك ، قال ابن الكلبي : إنما سمي دير الجماجم لأنّ بني تميم وذبيان لما واقعت بني عامر وانتصرت بنو عامر وكثر القتلى في بني تميم بنوا بجماجمهم هذا الدير شكرا على ظفرهم ، وهذا عندي بعيد من الصواب ، وهو مقول على ابن الكلبي وليس يصح عنه فإنه كان أهدى إلى الصواب من غيره في هذا الباب ، لأن وقعة بني عامر وبني تميم وذبيان كانت بشعب جبلة وهو بأرض نجد وليس بالكوفة ، ولعل الصواب ما حكاه البلاذري عن ابن الكلبي أنّ بلادا الرّمّاح ، وبعضهم يقول بلال الرّمّاح وهو أثبت ، ابن محرز الإيادي قتل قوما من الفرس ونصب رؤوسهم عند الدير فسمي دير الجماجم ، وقرأت في كتاب أنساب المواضع لابن الكلبي قال : كان كسرى قد قتل إيادا ونفاهم إلى الشام فأقبل ألف فارس منهم حتى نزلوا السواد ، فجاء رجل منهم وأخبر كسرى بخبرهم ، فأنفذ إليهم مقدار ألف وأربعمائة فارس ليقتلوهم ، فقال لهم ذلك الرجل الواشي : انزلوا قريبا حتى أعلم لكم علمهم ، فرجع إلى قومه وأخبرهم فأقبلوا حتى وقعوا بالأساورة فقتلوهم عن آخرهم وجعلوا جماجمهم قبة ، وبلغ كسرى خبرهم فخرج في أهليهم يبكون ، فلما رآهم اغتمّ لهم وأمر أن يبنى عليهم دير وسمي دير الجماجم ، وقال غيره : إنه وقعت بين إياد وبين بني نهد حرب في مكانه فقتل فيها خلق من إياد وقضاعة ودفنوا قتلاهم هناك ، فكان الناس إذا حفروا استخرجوا جماجمهم فسمي بذلك ، وإياد كانت تنزل الريف معروف ذلك عند أهل هذا الشأن ، وعند هذا الموضع كانت الوقعة بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القرّاء ، وفي ذلك يقول جرير :
ولم تشهد الجونين والشّعب ذا الصّفا ، |
|
وشدّات قيس يوم دير الجماجم |
تحرّض ، يا ابن القين ، قيسا ليجعلوا |
|
لقومك يوما مثل يوم الأراقم |
ديْر الجودِيّ : والجودي : هو الجبل الذي استقرّت عليه سفينة نوح ، عليه السلام ، وبين هذا الجبل وجزيرة ابن عمر سبعة فراسخ ، وهذا الدير مبنيّ على قلة الجبل ، ويقال إنه مبنيّ منذ أيام نوح ، عليه السلام ، ولم يتجدد بناؤه إلى هذا الوقت ، ويقال إن سطحه يشبر فيكون عشرين شبرا ثم يشبر فيكون ثمانية عشر شبرا ثم يشبر فيكون اثنين وعشرين شبرا ، وكلما شبر اختلف شبره.
دَيرُ حافِرٍ : قرية بين حلب وبالس ، ذكرها أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني في قوله يمدح عليّ بن مالك بن سالم العقيلي صاحب قلعة جعبر :
ألا كم ترامت بالس بمسافر ، |
|
وكم حافر أدميت يا دير حافر |
وبين قباب المنجبين مجبة |
|
أبت أن تطأ إلّا بأجفان ساهر |
وعند الفرات من يمين ابن مالك |
|
فرات ندّى لا تختطى بالمعابر |
إذا أوجه الفتيان غارت مياهها ، |
|
فوجه عليّ ماؤه غير غائر |
دَيرُ حبيبٍ : لا أعرف موضعه إلّا أنه جاء في شعر عربي ، وهو قول ورد بن الورد الجعدي :
ألا حبذا الإصعاد لو تستطيعه ، |
|
ولكن أجل لا ما أقام عسيب |