فمعاملتهم من قبل النبي «صلىاللهعليهوآله» والأئمة ، كما يعامل الأحرار لا ينافي ما قلناه. لأنه يكون قد جاء على سبيل التفضل والتكرم ، فإن للسيد أن يفسح المجال لعبده ليتملك ، ويتزوج ، ويبيع ويشتري ، ولا يلزمه بالإستئذان منه في شيء من ذلك .. وإن انتهى الأمر بعد ذلك إلى صرف ذلك المالك نظره عن عبده هذا بالكلية ، ليصبح طليقا وحرا أيضا ..
أي أن حريته تتحقق بصرف النظر هذا ، لا بكلمة : اذهب فأنت طليق ..
وعلى هذا الأساس يصح من مالك ذلك العبد أن يقترض من عبده ، وأن يرد إليه ما اقترضه منه.
ونلاحظ هنا : دقة وأهمية هذه السياسة النبوية مع أناس يعرف «صلىاللهعليهوآله» أخلاقهم وطموحاتهم ، ونفسياتهم ، ويتوقع ، بل ويعرف كيف سيكون موقفهم من هذا الإسلام ، ومن رموزه الحقيقين ، وهم علي وأهل بيته «عليهمالسلام» ، فأراد أن يبقي على هذا الشعور عندهم بحقيقة ما انتهى إليه أمرهم معه من خلال تذكيرهم بأنهم لا يستحقون إلا أن يكونوا أرقاء ويسجل ذلك للتاريخ وللأجيال ..
نعود لنقول :
إن مكة لم تفتح عنوة ، وخوف أهل مكة من الجيش المندفع إليها لا يجعلها مفتوحة بقوة السيف .. ولا نرى فرقا بين أن تجتمع الجيوش في المدينة ، فيخاف أهل مكة ، ويعلنون استسلامهم ، وبين أن تحضر الجيوش إلى محيط البلد ، فيخاف أهلها ، ويجنحون إلى الاستسلام ، وبين أن يدخلها ذلك الجيش ، فيخاف أهلها ويعزفزن عن القتال. ففي هذه الموارد كلها لا يقال :
إن البلد قد فتحت عنوة ..