بسرّ من رأى ، يطالب بما لا يقدر عليه من الأمور ، فأنشأ يقول (١) :
جعلت (٢) فداك الدهر ليس بمنفك |
|
من الحادث المشكوّ والنازل المشكي |
وما هذه الأيام إلّا منازل |
|
فمن منزل رحب ، ومن منزل ضنك |
وقد هذّبتك الحادثات وإنّما |
|
صفا الذهب الإبريز قبلك بالسبك |
أما في نبي الله يوسف أسوة |
|
لمثلك (٣) مسجونا على الزور والإفك؟ |
أقام جميل الصبر في الحبس (٤) برهة |
|
فأسلمه (٥) الصبر الجميل إلى الملك |
أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، أخبرنا أبو علي محمّد بن وشاح بن عبد الله الكاتب ، حدّثنا أبو القاسم عبد الصّمد بن أحمد الخولاني المعروف بابن خنيس ، أنشدني سعيد بن يزيد القرشي ، أنشدنا أبو عبادة الوليد بن عبيد البحتري لنفسه :
جعلت فداك الدهر ليس بمنفك |
|
من الحادثات المشكوّ والنازل المشكي |
وما هذه الأيام إلّا مراحل |
|
فمن منزل رحب ومن منزل ضنك |
وقد هذبتك النائبات وإنّما |
|
صفا الذهب الإبريز قبلك بالسبك |
وما أنت بالمهزوز جاشا على الأذى |
|
ولا المتفرّي الخلتين (٦) على الدعك |
على أنه قد ضيم في ضمّك (٧) الهدى |
|
وأمسى يد الإسلام في قبضة الشرك |
أما في نبي الله يوسف أسوة |
|
لمثلك محبوسا عن الظلم والإفك |
أقام (٨) جميل الصبر في الحبس برهة |
|
فآل به الصبر الجميل إلى الملك (٩) |
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المقرئ ـ في كتابيهما ـ عن أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وقرأته بخط رشأ ، أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن محمّد ـ بمصر ـ أنشدني عبد العزيز بن محمّد ، حدّثنا الحسين بن القاسم ، أنشدني البحتري (١٠) :
لجّ هذا الحبيب في هجرانه |
|
وغدا (١١) والصدود أكبر شانه |
__________________
(١) الأبيات في ديوانه ٢ / ٣٢٠ قالها في أبي سعيد حين حبس.
(٢) كذا بالأصل وم و «ز» وتاريخ بغداد ، وفي الديوان : جعلنا.
(٣) عجزه في الديوان : لمثلك محبوسا على الجور والإفك.
(٤) في الديوان وتاريخ بغداد : السجن.
(٥) في الديوان : فآل به.
(٦) في الديوان : الجلدتين.
(٧) في الديوان : حبسك.
(٨) سقط البيت التالي من «ز».
(٩) الأصل : ألا لك ، والمثبت عن م.
(١٠) الأبيات في ديوانه ١ / ٣٦ ـ ٣٧.
(١١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الديوان : ومضى.