يونس بن عمر عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لوحشي : توار عني حتى لا أرى وجهك».
أنبأنا أبو علي الحدّاد وغيره ، قالوا : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، أنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا أحمد بن علي الأبار ، نا إسحاق بن الأركون ، نا أبين بن سفيان ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى وحشيّ قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام ، فأرسل إليه : يا محمّد كيف تدعوني إلى دينك ، وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك وزنى (يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً)(١) ، وأنا قد صنعت ذلك ، فهل تجد لي من رخصة؟ فأنزل الله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ [وَآمَنَ])(٢)(وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٣) فقال وحشيّ : يا محمّد ، هذا شرط شديد إلّا من تاب وآمن وعمل صالحا ، فلعلّي لا أقدر على هذا ، فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)(٤) فقال وحشيّ : يا محمّد ، أرى بعد مشيئة فلا أدري يغفر لي أم لا ، فهل غير ذلك؟ فأنزل الله عزوجل : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٥) قال وحشيّ هذا ، فجاء فأسلم فقال الناس : يا رسول الله ، إذا أصبنا ما أصاب وحشيّ؟ قال : «هي للمسلمين عامة» [١٢٨٩٢].
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، نا أبو عثمان سعيد بن عثمان الحافظ (٦) ، نا محمّد بن يزيد الأدمي ، نا سعيد بن سالم القداح ، نا عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن (٧) ابن عبّاس قال :
جاء وحشيّ إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمّد جئتك مستجيرا بك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد كنت أحب أن أراك على غير جوار ، فأمّا إذا كنت مستجيرا فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله» قال : فإنّي أشركت بالله العظيم ، وقتلت النفس التي حرّم الله ، فهل يقبل من مثلي توبة؟ فصمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم يجبه حتى نزل عليه القرآن (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآية : ٦٨ ـ ٦٩.
(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، وم.
(٣) سورة الفرقان ، الآية : ٧٠.
(٤) سورة النساء ، الآية : ٤٨.
(٥) سورة الزمر ، الآية : ٥٣.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الخياط.
(٧) في «ز» : عن محمد بن عباس.