يده السيف ولا أعرفه ، فتهيّأت له وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى ، كلانا يريده ، فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في عاتقه وشدّ عليه الأنصاري فضربه بالسيف ، فربّك أعلم أيّنا قتله ، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وشرّ الناس.
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا أبو الفضل داود بن رشيد الخوارزمي ، نا الوليد بن مسلم ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر ، عن جعفر بن عمرو بن أمية ، قال : خرجت أنا وعبيد الله بن عدي ابن الخيار غازيين الصائفة في زمن معاوية ، فلما قفلنا مررنا بحمص وبها وحشي بن حرب الحبشي ، فقال عبيد الله بن عدي : هل لك أن نأتي وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف كان؟ قلت : نعم ، إن شئت ، فخرجنا إليه نسأل عنه فقال لنا قائل : أما إنكما ستجدانه بفناء داره على طنفسة وهو رجل قد غلبت عليه الخمر ـ فإن تجداه صاحيا منها تجدا رجلا عربيا ، وتجدا منه الذي تريدان أن تسألا عنه ، وإن تجداه قد ثمل منها ، فانصرفا عنه ، فخرجنا إليه فوافيناه شيخا كبيرا اسودّ رأسه مثل الثغام بفناء داره على طنفسة صاحيا فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي ، فقال عبيد الله بن عدي بن الخيار أنت؟ قال : نعم ، قال : أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أم السعدية التي أرضعتك بذي طوى وهي على بعيرها إلى اليوم فلما رأيتك عرفتك فجلسنا إليه وقلنا أتينا نسألك عن حديث قتلك حمزة كيف كان؟ فقال لنا : أما إني سأحدثكم بما حدثت به رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كنت بمكة لجبير بن مطعم وكان طعيمة بن عدي عمه قتل يوم بدر ، فقال : إن قتلت حمزة عم محمد صلىاللهعليهوسلم فأنت حر ، وكانت لي حربة أقذف بها ، قل ما أجلتها إلّا قتلت ، فخرجت مع الناس يوم أحد ، وإنما حاجتي قتل حمزة : فلما التقى الناس ، أخذت حربتي ، وخرجت أنظر حمزة ، وهو في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهذ الناس بسيفه هذّا ، ودنا مني إلّا أنه تستر مني بأصل شجرة أو صخرة ، إذ بدر من الناس فلان بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال هلم يا ابن مقطعة البطور فضرب فو الله لطالما أخطأ رأسه وهززت حربتي حتى إذا رغبت منها دفعتها عليه فوقعت بين كتفيه حتى خرجت من بين ثدييه وتركته واستأخرت عنه حتى مات رحمهالله ثم قمت إليه حتى انتزعتها منه ثم أتيت العسكر فقعدت فيه فلم يكن لي حاجة بغيره وإنما قتلته لأعتق فلما قدمنا مكة عتقت وأقمت بها حتى فتحت مكة ثم هربت إلى الطائف فلما خرج وفد ثقيف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ضاقت على الأرض بما رحبت فقلت الحق باليمن أو بالشام فو الله إني في غم ذاك إذ قال لي قائل ويحك الحق لمحمد صلىاللهعليهوسلم فو الله ما يقتل