لم يكن ربنا فإنا نتبع قول موسى ، وقالت فرقة : هذا عمل الشيطان وليس بربنا ، ولا نؤمن به ولا نصدّق به وأشرب فرقة في قلوبهم التصديق بما قال السامري في العجل ، وأعلنوا (١) أنا لا نكذب به. فقال : (لَهُمْ هارُونُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ)(٢) ليس هكذا. قالوا : فما بال موسى [وعدنا](٣) ثلاثين ليلة ثم أخلفنا ، فهذه أربعون قد مضت ، وقال سفاؤهم : أخطأ ربه فهو يطلبه ويتبعه. فلما كلم الله موسى وقال له ما قال ، وأخبره بما لقي قومه (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً)(٤) فقال لهم : ما سمعتم في القرآن؟ (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) من الغضب ، ثم إنه عذر أخاه ، فعذره واستغفر له ، وانصرف إلى السامري ، فقال له : ما حملك على ما صنعت؟ قال : قبضت (قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ)(٥) ، وفطنت لها وعميت عليكم فقذفتها (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ، قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً)(٦) ولو كان إلها لم يخلص إلى ذلك منه ، فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة ، واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأي هارون. وقالوا بجماعتهم لموسى : سل لنا ربك أن يفتح باب توبة نصنعها ونكفر عنا ما عملنا ، فاختار (مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)(٧) لذلك ، لا يألو الخير خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في العجل ، فانطلق بهم ليسأل لهم التوبة ، فرجفت بهم الأرض فاستحيا نبي الله صلىاللهعليهوسلم من قومه ، ووفده حين فعل بهم ما فعل ، ف (قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا)(٨) وفيهم من كان الله اطلع على ما أشرب في قلبه من حب العجل وإيمانا به ، فلذلك رجفت بهم الأرض فقال رحمة ربي (وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ)(٩) ، فقال : يا رب ، سألتك التوبة لقومي ، فقلت : إن رحمتك كتبتها لقوم غير قومي ، فليتك أخّرتني حتى تخرجني في أمة ذلك الرجل المرحومة. فقال الله له : إن توبتهم أن يقتل كل
__________________
(١) الأصل وم ود : وأعلموا ، والمثبت عن البداية والنهاية.
(٢) سورة طه ، الآية : ٩٠.
(٣) سقطت من الأصل ود ، وم ، وبالأصل علامة تحويل إلى الهامش ، والزيادة عن البداية والنهاية.
(٤) سورة الأعراف ، الآية : ١٥٠.
(٥) سورة طه ، الآية : ٩٦.
(٦) سورة طه ، الآيتان ٩٦ و٩٧.
(٧) سورة الأعراف ، الآية : ١٥٥.
(٨) سورة الأعراف ، الآية : ١٥٥.
(٩) سورة الأعراف ، الآيتان ١٥٦ و١٥٧.