ليقضي حاجته ، لا يعلم به أحد من خلق الله ، فمرّ برهط من الملائكة يحفرون قبرا ، فأقبل إليهم حتى وقف عليهم ، فإذا هم يحفرون قبرا لم ير قط شيء أحسن منه ، ورأى فيه خضرة وحسنا ، فقال لهم : يا ملائكة الله ، لمن هذا القبر؟ قالوا : لعبد كريم على الله ، قال : ما رأيت مضجعا أحسن منه ، قالت له الملائكة : يا صفيّ الله ، تحبّ أن يكون لك هذا القبر؟ قال : وددت ذلك ، قالوا : فانزل فاضطجع وتوجه إلى ربّك ، ثم تنفّس أسهل نفس تنفّسته قط ، قال : فنزل فاضطجع فيه ، وتوجه إلى ربّه ، ثم تنفس ، فقبض الله روحه ، فسوّت عليه الملائكة.
أخبرنا أبو علي المقرئ ـ في كتابه ـ أنا أبو نعيم (١) ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا علي بن إسحاق ، نا حسين بن حسن المروزي ، نا سعيد بن سليمان ، نا عبد الله بن المؤمّل ، نا المثنّى بن الصباح ، قال : سمعت وهب بن المنبّه يقول :
قام موسى فلما رأته بنو إسرائيل قامت إليه ، فأومأ إليهم أن اجلسوا ، فجلسوا ، فذهب حتى جاء الطور (٢) ، فإذا هو بنهر أبيض ، فيه مثل رءوس الكباش كافور محفوف بالرياحين ، فلمّا أعجبه ذلك وثب فيه فاغتسل وغسل ثوبه ، ثم خرج وجفّف (٣) ثيابه ، ثم رجع إلى الماء فاستنقع فيه حتى جفّت ثيابه فلبسها ، ثم أخذ نحو الكثيب الأحمر الذي هو فوق الطور (٤) ، فإذا هو برجلين يحفران قبرا ، فقام عليهما ، فقال : ألا أعينكما؟ قالا : بلى ، فنزل يحفره ، فقال : لتحدثاني مثل من الرجل؟ فقالا : على طولك ، فاضطجع فيه والتأمت عليه الأرض ، فلم ينظر إلى قبر موسى [إلّا](٥) الرخمة ، فإنّ الله أصمّها وأبكمها.
كذا في هذه الآثار ، وقد جاء في الحديث الصحيح.
ما أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو بكر المغربي (٦) ، أنا أبو بكر الجوزقي.
وأخبرنا أبو عبد الله أيضا ، وأبو الحسين عبيد الله بن محمّد سبط البيهقي ، قالا : أنا
__________________
(١) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٤ / ٣٧ في ترجمة وهب بن منبه.
(٢) في الحلية : الصور.
(٣) في الحلية : وهيّأ ثيابه.
(٤) في الحلية : الصور.
(٥) سقطت من الأصل ، واستدركت للإيضاح عن د ، و «ز» ، وم.
(٦) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وفي م : المقرئ.