إسرائيل لما حرّم الله عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة أربعين سنة يتيهون في الأرض شكوا إلى موسى ، فقالوا : ما نأكل؟ فقال : إنّ الله سيأتيكم بما تأكلون ، قالوا : من أين لنا إلّا أن تمطر علينا خبزا ، قال : إنّ الله سينزل عليكم خبزا مخبوزا ، فقال : ينزل عليهم المن والسلوى ، فسئل وهب : ما المنّ؟ قال : الخبز الرقاق مثل الذرة أو مثل النقي ، قالوا : وما نأتدم؟ وهل بدلنا من اللحم؟ قال : فإن الله يأتيكم به ، قالوا : من أين إلّا أن تأتينا به الريح ، قال : فإن (١) الريح تأتيكم به ، فكانت الريح تأتيهم بالسلوى ، فسئل وهب : ما السلوى؟ قال : طير سمين مثل الحمام ، كان يأتيهم منه ، فيأخذون منه من سبت إلى سبت ، قالوا : فما نلبس؟ قال : لا يخلق لأحد ثوب أربعين سنة ، قالوا : فما نحتذي؟ قال : لا ينقطع لأحدكم شسع أربعين سنة ، قالوا : فإنه يولد فينا أولاد فما نكسوهم؟ قال : الثوب الصغير على الكبير يشبّ معه. قالوا : فمن أين لنا الماء؟ قال : يأتيكم به الله ، قالوا : من أين إلّا أن يخرج لنا من الحجر ، فأمر الله تعالى موسى أن يضرب بعصاه الحجر ، قالوا : فبما نبصر؟ فإنها تغشانا الظلمة ، فضرب له عمود من نور في وسط عسكرهم ، أضاء عسكرهم كله ، قالوا : فبما نستظل فإن الشمس علينا شديدة؟ قال : يظلكم الله بالغمام.
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم قالا : نا أبو بكر الخطيب ، أنا ابن رزقويه ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، أنا أبو إلياس عن وهب بن منبّه.
إن الله أوحى إلى موسى أن سر ببني إسرائيل حتى يدخلوا الأرض المقدّسة ، فقد كتبتها لكم ، فاخرج إليها فجاهد من فيها بمن معك من بني إسرائيل ، فإنّي ناصركم قال : فانطلق موسى بمن معه من بني إسرائيل قال : فقالت بنو إسرائيل : يا موسى إنّا لا نعرف الطريق ، ولا علم لنا بالأرض ، ومدخلها ، ومخرجها ، ورجالها ، وحصونها ، قال : وبعث موسى هؤلاء الاثنا عشر (٢) النقباء إلى الأرض ، ليتجسسوا لهم الأرض ، وأقام موسى بمكان وجعل عليهم يوشع بن نون وكالب بن يوفنا وكان فيما بين الشام ، وبينهم مفاوز ليس بها ماء ودعا لهم موسى بالرزق ، فأنزل الله عليهم في سيرهم المن والسلوى ، وفجّر لهم الحجارة عيونا ماء بين موضع موسى إلى أرض أريحا وأقام موسى بمكانه ، فقالت بنو إسرائيل : كيف لنا بهذا المسير
__________________
(١) الأصل وم ود : «فإن كانت» والمثبت «قال : فإن» عن المختصر.
(٢) كذا بالأصل وم ود : «الاثنا عشر» والوجه : الاثني عشر.