أجرى منه إلى الزيادة ، سارعوا إلى المكارم ، فإنها تقربكم إلى الفلاح ، واعملوا ، على أنه من سلم من يومه لم يسلم من غده ، ومن سلم من الغد لا يسلم مما بعده ، وإنكم لتئوبون مآب الآباء والأجداد وتصيرون إلى ما صاروا إليه ، والموت كل يوم أقرب إلى المرء من حياته منه ، ولكل زمان أهل ، ولكل دائرة سبب ، وسبب عطلان هذه الفترة التي من عز فيها بز من هو دونه ، ظهور نبى يعز الله به دينه ويخصه بالكتاب المبين ، على يأس من المرسلين ، رحمة للمؤمنين وحجة على الكافرين ، فليكن ذلك عندكم وعند أبنائكم بعدكم وأبناء أبنائكم قرنا فقرنا وجيلا فجيلا ، ليتوقعوا ظهوره وليؤمنوا به وليجتهدوا فى نصره على كافة الأحياء ، حتى يفىء الناس له إلى أمر الله.
وأنشد له :
شهدت على أحمد أنه |
|
رسول من الله بارى النسم |
فلو مد دهرى إلى دهره |
|
لكنت وزيرا له وابن عم |
وألزمت طاعته كل من |
|
على الأرض من عرب أو عجم |
ولكن قولى له دائما |
|
سلام على أحمد فى الأمم |
فى أبيات ذكرها ، وأشعار غير هذا أثبت فى «إكليله» كثيرا منها.
قال : وذكروا أن الملوك وأبناء الملوك من حمير وكهلان لم تزل تتوقع ظهور النبيّ صلىاللهعليهوسلم وتبشر به ، وتوصى بالطاعة له والإيمان به والجهاد معه والقيام بنصره ، منذ ذلك العصر إلى أن ظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكانوا بذلك حين بعث من أحرص الناس على نصره وطاعته.
فمنهم من سمع له وأطاع وآمن به قبل أن يراه ، ومنهم من وصل إليه كتابه فسمع وأطاع وآمن وصدق ، ومنهم من آواه ونصره وأيده وجاهد فى سبيل الله دونه ، نطق بذلك الكتاب المنير فى قوله : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ)[الحشر : ٩].
وقوله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) [المائدة : ٥٤ ، ٥٥] إلى آخر الآية.
قال الهمدانيّ : عن أبى الحسن الخزاعى يقال : إنهم همدان. ثم أشار إلى ذكر سيف