وأنزل الله تبارك وتعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة : ١٧٧ ـ ١١٩].
قال كعب : فو الله ما أنعم الله على نعمة قط بعد أن هدانى للإسلام كانت أعظم فى نفسى من صدقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يومئذ ، أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه ، فإن الله تبارك وتعالى قال فى الذين كذبوه شر ما قال لأحد : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) [التوبة : ٩٥ ـ ٩٦].
قال : وكنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر هؤلاء الذين قبل منهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين حلفوا له فعذرهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرنا حتى قضى الله فيه ما قضى ، فلذلك قال الله تبارك وتعالى : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) وليس الذي ذكر من تخليفنا لتخلفنا عن الغزوة ، ولكن لتخليفه إيانا وإرجائه أمرنا عن من حلف له واعتذر إليه فقبل منه(١).
ذكر إسلام ثقيف
وقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة من تبوك فى رمضان وقدم عليه فى ذلك الشهر وفد ثقيف.
وكان من حديثهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما انصرف عنهم اتبع أثره عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة ، فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما يتحدث قومه : إنهم قاتلوك. وعرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن فيهم نخوة
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري كتاب المغازى (٧ / ٤٤١٨) ، صحيح مسلم كتاب التوبة (٤ / ٥٣) مسند الإمام أحمد (٣ / ٤٥٤ ـ ٤٥٩) ، سنن الترمذى كتاب التفسير (٣١٠٢) ، دلائل النبوة للبيهقى (٥ / ٢٧٣ ـ ٢٧٩) ، مصنف عبد الرزاق (٥ / ٩٧٤٤).