الحارث النجارية ، ثم جاءوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو فى المسجد ، فسلموا بسلام أهل الجاهلية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من القوم»؟ فقال متكلمهم : من لا تنكر ، نحن بنو غدرة ، أخوة قصى لأمه ، نحن الذين عضوا قصيا ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ، ولنا قرابات وأرحام. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مرحبا بكم وأهلا ، ما أعرفنى بكم ، فما منعكم من تحية الإسلام»؟ قالوا : يا محمد ، كنا على ما كان عليه آباؤنا ، فقدمنا مرتادين لأنفسنا ولمن خلفنا ، فإلام تدعو؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأن تشهدوا أنى رسول الله إلى الناس كافة» ، فقال المتكلم : فما وراء ذلك من الفرائض؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الصلوات الخمس ، تحسن طهورهن وتصليهن لمواقيتهن ، فإنه أفضل العمل».
ثم ذكر لهم سائر الفرائض من الصيام والزكاة والحج ، فقال المتكلم : الله أكبر ، نشهد أنه لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قد أجبناك إلى ما دعوت إليه ، ونحن أعوانك وأنصارك ثم قال : يا رسول الله : إنا متاخمو الشام ، وأخبارهم ترد علينا ، وبالشام من قد علمت ، هرقل ، فهل اوحى إليك فى أمره بشيء؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبشر ، فإن الشام ستفتح عليكم ، ويهرب هرقل إلى ممتنع بلاده» ، قال : الله أكبر ، يا رسول الله ، إن فينا امرأة كاهنة ، كانت قريش والعرب يتحاكمون إليها ، ولو قد رجعنا أقرت هى وغيرها من قومنا بالإسلام إن شاء الله ، أفنسألها عن كهانتها؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسألوها عن شيء» ، قال : الله أكبر ، ثم سأله عن الذبائح التي كانوا يذبحون فى الجاهلية لأصنامهم ، فنهاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنها ، وقال ، وقال : «لا ذبيحة لغير الله عزوجل ولا ذبيحة عليكم فى سنتكم إلا واحدة». قال : وما هى؟ فداك أبى وأمى ، قال : «الأضحية» ، قال : وأى وقت تكون؟ قال : «صبيحة العاشر من ذى الحجة ، تذبح شاة عنك وعن أهلك» ، قال : يا رسول الله ، أهي على أهل كل بيت وجدوها؟ قال : «نعم» (١).
فأقاموا أياما ، ثم أجازهم كما يجيز الوفود ، وانصرفوا.
وفد بلى (٢)
وقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفد بلى فى ربيع الأول من سنة تسع. قال رويفع ابن
__________________
(١) انظر الحديث فى : كنز العمال للمتقى الهندى (١٢٢٥٩).
(٢) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٣ / ٣٥٥) ، طبقات ابن سعد (١ / ٢ / ٦٥).