فكان جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول حين وجه راجعا : «آئبون تائبون إن شاء الله ، لربنا حامدون ، أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر فى الأهل والمال» (١).
غارة عيينة بن حصن على سرح المدينة
وخروج النبيّ صلىاللهعليهوسلم فى أثره ، وهى غزوة ذى قرد (٢)
ولما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة من غزوة بنى لحيان لم يقم بالمدينة إلا ليال قلائل ، حتى أغار عيينة بن حصن فى جبل من غطفان على لقاح رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالغابة ، وفيها رجل من بنى غفار وامرأة له ، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة فى اللقاح.
وكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمى ، غدا يريد الغابة متوشحا سيفه ونبله ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله معه فرس يقوده ، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم فأشرف فى ناحية سلع ثم صرخ : وا صباحاه. ثم خرج يشد فى آثار القوم وكان مثل السبع ، حتى لحق القوم فجعل يردهم بالنبل ويقول إذا رمى :
خذها وانا ابن الأكوع |
|
اليوم يوم الرضع |
فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا ثم عارضهم فإذا أمكنه الرمى رمى ثم قال :
خذها وانا ابن الأكوع |
|
اليوم يوم الرضع |
فيقول قائلهم : أأكيعنا هو أول النهار.
وبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم صياح ابن الأكوع فصرخ بالمدينة : الفزع الفزع. فترامت الخيل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكان أول من انتهى إليه من الفرسان المقداد بن عمرو ، وهو الذي يقال له : المقداد بن الأسود. ثم كان أول فارس وقف على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد المقداد من الأنصار عباد بن بشر وسعد بن زيد الأشهليان وأسيد بن ظهير الحارثى ، يشك فيه ، وعكاشة بن محصن ، ومحرز بن نضلة الأسديان وأبو قتادة السلمى وأبو عياش ، الزرقى.
__________________
(١) انظر الحديث فى : عمل اليوم والليلة لابن السنى (٥٢٥) ، مصنف ابن أبى شيبة (١٢ / ٥١٩ ، ٥٢٠).
(٢) راجع هذه الغزوة فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٥٠) ، طبقات ابن سعد (٢ / ٨٠).