عن فعله مخلوق ، وكلّ ذلك لله تعالى ، فالحيّ المطلق هو الله تعالى .
هو القائم الدائم بلا زوال بذاته ، وبه قيام كلّ موجود في إيجاده وتدبيره وحفظه ، ومنه قوله : « أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ » (١٠٦) أي : يقوم بأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم . وقيل : هو القيم على كل شيء بالرعاية له .
ومثله : القيّام ، وهما من فيعول وفيعال ، من قمت بالشيء إذا توليته بنفسك وأصلحته ودبرته ، وقالوا : ما فيها ديّور ولا ديّار (١٠٧) .
وفي الصحاح : أن عمر (١٠٨) قرأ : الحي القيّام ، قال وهو لغة (١٠٩) .
أي : الغني ، مأخوذ من الجدّ ، وهو : الغنى والحظ في الرزق ، ومنه قولهم في الدعاء : ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد ، أي : من كان ذا غنى وبخت في الدنيا لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة ، إنّما ينفعه الطاعة والإيمان ، بدليل : « يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ » (١١٠) .
أو يكون مأخوذاً من الجدة ، وهي : السعة في المال والمقدرة ، ورجل واجد أي : غني بين الوجد والجدة ، وافتقر بعد وجد ، ووجد بعد فقر ، وقوله تعالى : « أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ » (١١١) أي : سعتكم ومقدرتكم .
___________________________
(١٠٦) الرعد ١٣ : ٣٣ .
(١٠٧) اُنظر : عدة الداعي : ٣٠٨ .
(١٠٨) أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ، روى عن النبي وعن أبي بكر واُبي بن كعب ، روى عنه أولاده وغيرهم ، قتل سنة ( ٢٣ هـ ) .
طبقات الفقهاء ١٩ ، اسد الغابة ٤ : ٥٢ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٤٣٨ .
(١٠٩) الصحاح ٥ : ٢٠١٨ ، قوم . وقال الزمخشري في الكشّاف ١ : ٣٨٤ : « وقرئ القيام والقيم » .
(١١٠) الشعراء ٢٦ : ٨٨ .
(١١١) الطلاق ٦٥ : ٦ .