ويترك لأجله فكان له ذلك. وهذا يدل : على أن التمثيل بالشهداء قد كان معلوما لدى الملأ من قريش ، وكانوا راضين به.
ولعل أبا سفيان قد كذب هذه الكذبة ليتفادى التمثيل بأصحابه ، أو أنها كذبت عن لسانه من محبيه ، ومن يهمهم أمره.
ه : هذا وثمة نقاط أخرى فيما تقدم تحتاج إلى إلقاء الأضواء عليها ، كقضية قزمان ، فإننا نشك في أن يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قد أخبر قبل موته أنه من أهل النار ، ولعله ـ لو صحت الرواية ـ لما علم أنه قتل نفسه ، قال : (هو من أهل النار) كما ورد في ذيل رواية الواقدي والمعتزلي (١) فذيل الرواية مقبول ، دون صدرها. وكقضية العرجون ، فإنها إن لم تكن مع علي «عليه السلام» ، فإننا نظن أنها قد جعلت في مقابل ذي الفقار لعلي «عليه السلام».
وحسبنا ما ذكرنا هنا ، فإن الكلام حول كل ما تقدم يطول.
الصبر في الجهاد :
لقد رأينا في واقعة أحد أن الله تعالى قد أنزل آيات في سورة آل عمران ترتبط بالصبر في هذا المقام. ونحن نختار منها الآيات التالية : قال تعالى :
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)(٢).
وقال : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي
__________________
(١) راجع : المغازي ج ١ ص ٢٦٣ و ٢٦٤ ، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١٤ ص ١٦١.
(٢) الآية ١٤٢ من سورة آل عمران.