أما ما عن أنس ، من أنه قتل من الأنصار في أحد سبعون ، وفي بئر معونة سبعون ، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر سبعون ، رواه البخاري (١) :
فلا يمكن المساعدة عليه ؛ لأن قتلى أحد كانوا سبعين من الأنصار والمهاجرين معا ، لا من الأنصار وحدهم. ولأنه سيأتي في سرية بئر معونة الاختلاف الشديد في عدد أفرادها ، وهي تتراوح ما بين العشرة إلى السبعين رجلا (٢).
أكثر القتلى من الأنصار :
ويلاحظ هنا : أن أكثر القتلى كانوا من الأنصار ، وقد جاء ذلك بصورة لا تتناسب مع عدد المشاركين منهم في الحرب إذا قورن بمن قتل من المهاجرين ، إذا أضيف إلى عدد المشاركين منهم أيضا.
وقد أشرنا فيما تقدم : إلى أن قريشا ظلت تحقد على الأنصار ، وعلى أهل البيت «عليهم السلام» عشرات السنين والأعوام.
وكان يهمها : أن تجزرهم جزرا ، ولا يبقى منهم نافخ نار.
ولربما نفهم : أن الأنصار كانوا أكثر اندفاعا إلى الحرب ، وأشد تصديا لمخاطرها ، لأنهم يدافعون عن وطنهم ، وعن عقيدتهم معا.
وقد كان الإسلام فيهم أعرق وأعمق من كثير من المهاجرين ، فلا يقاس بهم مسلمو الفتح ، فإنهم إنما أسلموا خوفا أو طمعا ؛ ولذا فقد كثر فيهم المنافقون والمناوؤون لأهل البيت «عليهم السلام».
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ١٤٦ عن المشكاة.
(٢) راجع : الجزء الثامن من هذا الكتاب ، الباب الرابع : سرية بئر معونة.