فإن ذلك قد رفضه الإسلام والقرآن رفضا قاطعا ونهائيا.
أنا شهيد على هؤلاء :
وكان طلحة بن عبيد الله ، وابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، يقولون : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» صلى على قتلى أحد ، وقال : «أنا شهيد على هؤلاء.
فقال أبو بكر : ألسنا إخوانهم ، أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا؟
قال : بلى ، ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئا ، ولا أدري ما تحدثون بعدي.
فبكى أبو بكر ، وقال : إنا لكائنون بعدك»؟ (١).
وهذا يدل : على أن الرسول «صلى الله عليه وآله» لم يكن مطمئنا لما ينتهي إليه أمر أصحابه بعده. ولم يكن يعتقد أن مجرد صحبتهم له تدخلهم الجنان ، وتجعلهم معصومين ، أو أنها تكون أمانا لهم من كل حساب وعقاب ، عملوا ما عملوا ، وفعلوا ما فعلوا ؛ فإن ذلك خلاف ما قرره القرآن الذي يقول : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(٢) وقد بحثنا موضوع عدالة الصحابة في موضع آخر (٣).
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٣٨ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٣١٠ ، والمصنف ج ٣ ص ٥٤١ ، وليراجع ص ٥٧٥ وج ٥ ص ٢٧٣.
(٢) الآيتان ٧ و ٨ من سورة الزلزلة.
(٣) راجع الجزء الثاني من كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام.