نعم ، في هذه اللحظات يبدو أن الله قد أنزل على القادمين الراجعين إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، التائبين ، أمنة نعاسا ، لكي يطمئنوا إلى نصر الله ولطفه.
أما أصحاب الصخرة ، أو كثير منهم ، فقد أهمتهم أنفسهم ، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية. وهؤلاء كانوا ـ في الأكثر ـ من المنافقين.
والخلاصة : أن النعاس في الحرب يكون من الإيمان والاعتقاد بالله ، وفي الصلاة يكون من الشيطان. وهكذا كان ؛ فقد بلغ الرسول وتلك الثلة من المسلمين المجاهدين ، سفح جبل أحد ، واستقروا فيه ، ولم يجاوزوه. فأرعب ذلك المشركين ، لما رأوه من عودة المسلمين إلى مراكزهم الأولى ، وتجميع صفوفهم ، وارتفاع معنوياتهم من جديد. وإن كان لا تزال ثلة منهم فوق الجبل ، وهم أصحاب الصخرة ، ومنهم أبو بكر ، وعمر ، وطلحة ، وغيرهم ؛ فخاف المشركون أن يدال المسلمون منهم من جديد ، ويفعلوا بهم كما فعلوا في ابتداء الحرب ، ففضلوا إنهاء الحرب ، والانسحاب بسلام ، وهكذا كان. وحينئذ أعلن أبو سفيان انتهاء الحرب ، وأشرف على الجبل ، ونادى بأعلى صوته : أعل هبل.
وحيث إن المسألة لم تعد مسألة شخصية ، وإنما يريد أبو سفيان أن يعتبر هذا النصر الظاهري وإن كان ينطوي على الرعب القاتل ، مؤيدا لدينه ولإلهه هبل ، فقد أجابه النبي «صلى الله عليه وآله» (١) ـ وقيل عمر ـ : «وقد صرحت بعض
__________________
(١) الثقات ج ١ ص ٢٣١ ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٥٠٩ ، والبحار ج ٢٠ ص ٢٣ عنه.