ولده ، أو ما شاكل ، إلا إذا قهر على ذلك وغلب عليه جسديا ، أو كان ثمة ما يهيمن على عقله ، كنوم أو غضب ، أو غير ذلك ، مما يمنع عقله من التأثير والفعالية ، ومن السيطرة على الموقف.
بل وحتى الطفل فإننا نراه يتجرأ على النار ، ولكنه بعد أن تؤلمه ، ويتيقن ذلك ، لا يقترب منها باختياره ، ألا أن تغلبه قدرة قاهرة ، أو يسيطر على عقله سلطان النوم ، أو أي سلطان قاهر آخر.
إذن فالبشر العقلاء ، حتى من لا يؤمن بالله منهم ، وحتى الأطفال ، معصومون عن شرب السم ، وعن الإلقاء بالنفس بالنار ، وعن كل ما يدركون إدراكا قاطعا ضرره ، وسوءه ؛ إلا إذا كان ثمة قوة قاهرة تغلب إرادتهم أو تزين لهم ، وتخدعهم ، أو تهيمن على عقولهم وتمنع من فعاليتها ، وتفقدها سيطرتها على الموقف.
عناصر لابد منها في العصمة :
وبالتأمل فيما تقدم يتضح : أن امتناع الطفل عن النار ، والعقلاء عن تناول السم ، يرتبط بالأمور التالية :
الأول : أن الإنسان مفطور على انتقاء ما يكرس راحته وسعادته وتكامله ، والابتعاد عما يوجب ضرره وبلاءه وشقاءه.
الثاني : إدراك واقع معين ، ثم تقييمه على ذلك الأساس بشكل قاطع ونهائي.
الثالث : قوة العقل ، وسيطرته على الموقف ، وتحكمه بكل القوى والدواعي النفسية والشهوية ، وقاهريته لها ، وتوجيهها إلى ما فيه خير