والأعراض بإرادته واختياره ، وإنّما الذي يصف الله سبحانه بالموجب هو الأشاعرة ؛ لأنّه عندهم موجب لصفاته ؛ ومجرّد قولنا : إنّه تعالى يجب عليه برحمته وعدله إعطاء العوض ؛ لا يقتضي أن يكون موجبا لا مختارا حتّى لو سمّينا العوض دينا عليه ، فإنّ أداء الدين اختياري للعبد ، فكيف لله تعالى؟! وهذا من جهالات الخصم وخرافاته.
وأمّا قوله : « وإذا عمل سيّئة يجب عليه عقابها وليس له أن يتفضّل » ..
فأكذب من الأوّل ، كما ستعرف.
قال نصير الدين قدسسره في ( التجريد ) : « والعفو واقع ؛ لأنّه حقّه تعالى ... ولا ضرر عليه في تركه ... ولأنّه إحسان ، وللسمع والإجماع على الشفاعة » (١).
وقال القوشجي في شرحه : « اتّفقت الأمّة على إنّه تعالى يعفو عن الأمّة وعن الصغائر مطلقا ، وعن الكبائر بعد التوبة ، ولا يعفو عن الكفر قطعا ، واختلفوا في جواز العفو عن الكبائر بدون التوبة ، فذهب جماعة من المعتزلة إلى أنّه جائز عقلا غير جائز سمعا ، وذهب الباقون إلى وقوعه عقلا وسمعا ، واختاره المصنّف » (٢).
فأين ما اشترطه الفضل من الصدق والإنصاف؟!
وأمّا قوله : « وإنّه خلق العالم ولم يجر له قضاء سابق ولا علم متقدّم ، بل يحدث الأشياء على سبيل الاتّفاق » ..
فأكذب من الأوّلين ؛ لأنّا نقول : إنّه تعالى عالم لذاته في الأزل وهو
__________________
(١) تجريد الاعتقاد : ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
(٢) شرح التجريد : ٥٠١.