وكذا يزيده حيرة قوله : « وهو منزّه عن فعل القبائح ، حيث لا قبيح بالنسبة إليه ».
إذ كيف لا يقبح فعل القبيح في حقّه وهو أحقّ من تنزّه عن القبيح.
وأمّا قوله : « ونحن نرضى بقضائه ».
فهو ـ لو صحّ ـ ممّا يشترك به الفريقان ، إلّا إنّه بإضافة قوله :
« والقضاء غير المقضي » يترك السامع متعجّبا من إرادته به وجوب الرضا بالقضاء دون المقضي ، والحال أنّ الرضا بأحدهما لا ينفكّ عن الرضا بالآخر.
وأمّا ما ذكره في تقرير مذهب الإمامية من أنّ : « الإله الذي ندعوك إليه له شركاء في الخلق » ..
فتلبيس ظاهر ؛ لأنّ إسناد أفعال العباد إليهم لا يستلزم الشركة ، كإسناد الملكية والقدرة لهم ، بل ذلك من مظاهر القدرة الربّانية وتوابع العبودية ؛ لأنّه تعالى أعطانا قدرة على أفعالنا ومكّننا من الاختيار ، ولا قدرة لنا من عند أنفسنا ففعلناها بإرادتنا مع احتياجنا في كلّ آن إليه.
وهذا هو الصنع العجيب ، حيث خلق ما يؤثّر الآثار بلا مباشرة منه تعالى للأثر ، ولا حاجة له إلى المؤثّر ، بل لنزاهته عن إتيان فواحش الأعمال وحكمته في جعل القدرة والاختيار للعبد ، ففي هذا إطراء لقدرته تعالى وتنزيه له عن القبيح.
وأمّا قوله : « وهو الموجب الذي لا تصرّف له في الكائنات بالإرادة والاختيار » ..
فهو من أظهر الكذب ؛ لأنّ كلّ أحد يعلم أنّ مذهب أهل العدل أنّ الله تعالى متصرّف بأفعاله من خلق السماوات والأرض والأجسام