[ جواب الإيراد على الآية الثالثة : ]
وأمّا ما أجاب به عن الآية الثالثة ، من أنّ الاستعظام إنّما هو لطلبهم الرؤية تعنّتا وعنادا ...
ففيه :
أوّلا : إنّ الاستعظام إنّما هو ـ ظاهرا ـ لعظم المسؤول (١) ، المعبّر عنه في الآية ب : ( أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ ).
وثانيا : إنّ استدلال المصنّف بالآية ليس من جهة الاستعظام ، حتّى يقال : إنّه لأجل التعنّت ؛ بل من حيث ذمّهم ونسبتهم إلى الظلم بطلبهم الرؤية ، ولا يكون طلبهم ظلما إلّا بكون الرؤية نقصا ممتنعا عليه تعالى.
ودعوى أنّها لو كانت ممتنعة لمنعهم موسى من طلبها كما منعهم من جعل الآلهة ، باطلة ؛ لجواز علمه بعدم امتناعهم بمنعه في المقام ..
أو أنّه منعهم فلم يمتنعوا ، كما يقرّ به إصرارهم وقولهم : ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) (٢) ..
ولو كان منعه مؤثّرا فيهم لمنعهم من طلب الرؤية حتّى لو كانت ممكنة ؛ لعلمه بأنّها لا تقع في الدنيا.
وأمّا ما تحمّس به من قوله : « لذكرنا من الدلائل العقلية على صحّة
__________________
(١) في المطبوعتين : السؤال.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٥٥.