كان في الجمعة الثانية أتيته فقال لي : أذكر شيئا ، فأخذت في مجلس لي وتكلّمت ، فبكى الشيخ ، وكثر بكاؤه ، فلمّا أردت أن أقوم قال : انظر ما في ثني الوسادة ، فإذا خمس مائة دينار ، فقلت : رحمك الله ، عهدي بصلتك بالأمس ، فقال : لا تردن عليّ شيئا أصلك به متى [أراك؟](١) قلت : الجمعة الداخلة ، فقال : كأنك فتت عضوا من أعضائي ، فلما كان الجمعة الداخلة أتيته مودعا ، فقال لي : حدّثني شيء أذكرك به ، فتكلّمت ، فبكى الشيخ وكثر بكاؤه ، ثم قال لي : يا منصور ، انظر ما في ثني الوسادة ، فإذا ثلاثمائة قد أعدها ، ثم قال : يا جارية هات (٢) ثياب إحرام منصور ، فجاءت بإزار فيه أربعون ثوبا ، قلت : رحمك الله ، أكتفي بثوبين ، فقال لي : أنت رجل كريم ، فيصحبك قوم فأعطهم ، وقال للجارية التي تحمل الثياب معه ، وهذه الجارية لك.
أخبرنا أبو القاسم ابن الشريف أبي الحسين (٣) العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن ابن إسماعيل أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن عبد العزيز ، نا أبي قال : قال منصور بن عمّار : أتيت الليث بن سعد ، فأعطاني ألف دينار ، وقال : صن بهذه الحكمة التي آتاك الله.
أخبرنا أبو علي المقرئ ، أنا أبو نعيم (٤) ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا الوليد بن أبان ، نا أبو حاتم ، نا (٥) سليم بن منصور قال : سمعت أبي يقول : دخلت على الليث بن سعد يوما ، وعلى رأسه خادم ، فغمزه ، فخرج ، ثم ضرب الليث بيده إلى مصلاه فاستخرج من تحته كيسا فيه ألف دينار ثم رمى بها إليّ ثم قال : يا أبا السّري ، لا تعلم بها ابني فتهون عليه.
قال (٦) : ونا سليمان بن أحمد ، نا عبد الملك بن يحيى بن بكير قال : سمعت أبي يقول : وصل الليث بن سعد ثلاثة أنفس بثلاثة آلاف دينار احترقت دار ابن لهيعة فبعث إليه بألف دينار ، وحجّ فأهدى إليه مالك بن أنس رطبا على طبق ، فرد إليه على الطبق ألف دينار ، ووصل منصور بن عمّار القاصّ (٧) بألف دينار ، وقال : لا تسمع بها ابني فتهون عليه ، فبلغ
__________________
(١) بياض بالأصل وفي م و «ز» : را ، ثم بياض ، وفي د : «رابك» والمثبت عن حلية الأولياء.
(٢) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وم ، وفي الحلية : «هاتي» وهو أشبه.
(٣) في م : الحسن.
(٤) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٧ / ٣٢١ في ترجمة الليث بن سعد.
(٥) كذا بالأصل ، ود ، وم ، و «ز» ، وسقطت من حلية الأولياء.
(٦) القائل : أبو نعيم ، والخبر رواه في حلية الأولياء ٧ / ٣٢٢ في ترجمة الليث بن سعد.
(٧) في الحلية : القاضي.