وخرج سلمة بن الأكوع على رجليه يعدو ويسبق الخيل مثل السبع ، قال سلمة : حتى لحقت القوم فجعلت أراميهم بالنبل وأقول حين أرمي :
خذها وأنا ابن الأكوع
على (١) خيل من خيلهم ، فإذا وجهت نحوي انطلقت هاربا فأسبقها وأعمد إلى المكان المعور (٢) ، فأشرف عليه وأرمي بالنبل إذا أمكنني الرمي ، وأقول :
خذها وأنا ابن الأكوع |
|
اليوم يوم الرّضّع (٣) |
فما زلت أكافحهم وأقول : قفوا قليلا ، يلحقكم أربابكم من المهاجرين والأنصار ، فيزدادون عليّ حنقا فيكرون عليّ ، فأعجزهم هربا حتى انتهيت بهم إلى ذي قرد (٤) ولحقنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والخيول عشاء ، فقلت : يا رسول الله ، إن القوم عطاش ، أوليس لهم ماء دون أحساء كذا وكذا؟ فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت مما بأيديهم من السرح ، وأخذت بأعناق القوم. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ملكت فأسجح» (٥) ثم قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّهم ليقرون في عطفان» [١٢٤٢١].
فحدّثني خالد بن إلياس عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم قال : فرأيت الخيل وهم ثمانية : المقداد ، وأبو قتادة ، ومعاذ بن ماعص ، وسعد بن زيد ، وأبو عيّاش الزّرقي ، ومحرز ابن نضلة ، وعكّاشة بن محصن ، وربيعة بن أكثم.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنا أبو الحسن الدار قطني ، نا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن سعيد البزاز ، نا محمّد بن عبد الملك بن زنجويه أبو بكر ، نا جعفر بن سلمة أبو سعيد مولى خزاعة ، بصري ، نا أبو بكر بن علي بن عطاء بن مقدم ، نا حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال :
بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سرية فيها : المقداد بن الأسود ، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا ، وبقي رجل له مدد كثير لم يبرح ، فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، فأهوى إليه المقداد فقتله ، فقال له رجل من أصحابه : قتلت رجلا قال : لا إله إلّا الله ، فلما قدموا على النبي صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) في المغازي : فتكرّ عليّ خيل ...
(٢) المعور : يعني المكان ذي عورة (الأساس : عور).
(٣) الرضع جمع راضع وهو اللئيم ، وأراد أن هذا اليوم هو يوم هلاك اللئام (شرح أبي ذر ص ٣٢٩).
(٤) ذو قرد : ماء على ليلتين من المدينة ، بينها وبين خيبر (معجم البلدان).
(٥) يعني أنك قدرت فاعف ، والسجاحة : السهولة ، وهو مثل. (راجع النهاية).