قالت : حاجة لي يا رسول الله ، قال : «بل الغيرة» ، قالت : فبينا أنا كذلك إذ قرع قارع الباب ، قال : «انظروا من بالباب» قيل : معاوية ، قال : «ائذنوا له» ، فدخل ، فجعل يتخطى ، ـ أو قال : يتمطى ـ في مشيته ، فلمّا بصر به النبي صلىاللهعليهوسلم قال : كأنّي أنظر إلى سويقته ترفلان في الجنّة ، فلما دنا من النبي صلىاللهعليهوسلم إذا على أذنه قلم لم يخط به ، قال : «ما ذا على أذنك يا معاوية؟» قال : قلم أعددته لله ولرسوله يا رسول الله ، قال : «جزاك الله عن نبيك خيرا ، ما استكتبتك من تلقاء نفسي ، ما استكتبك إلّا بوحي من السماء» ثم قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله يقمصك قميصا» فقالت أم حبيبة : أو الله فاعل ذلك بأخي؟ قال : «نعم» ، قالت : ادع الله لأخي يا رسول الله ، قال : «وقاك الله الردى ، وغفر لك في الآخرة والأولى».
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ـ إجازة ـ أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو بكر عبد الله ابن أحمد بن عثمان العكبري ، نا القاضي محمّد بن محمّد بن عبد الوهّاب ، نا أحمد بن علي المطيري ، نا أحمد بن محمّد بن عمر بن سعيد بن أبان بن عثمان بن عفّان ، نا محمّد بن وزير الأبلّي ، عن حميد ، عن أنس قال :
نزل جبريل على النبي صلىاللهعليهوسلم ومعه قلم من ذهب إبريز ، فقال : إنّ الله سبحانه يقرأ عليك السلام ويقول لك هذه هدية مني إلى معاوية ، فقل له يكتب به آية الكرسي بخط حسن ، ويشكّلها ويعجمها ، وأعلمه أنّي قد كتبت له ثواب من قرأها إلى يوم القيامة ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من لنا بأبي عبد الرّحمن؟» فمضى أبو بكر الصّدّيق ، فجاء ومعه محبرة وقرطاس ، فدفع (١) النبي صلىاللهعليهوسلم فكتبها وهو يبكي.
أخبرنا أبو محمّد طاهر بن سهل ، أنا أبو الحسن علي بن الحسين ـ في كتابه ـ أنا أبو منصور طاهر بن العبّاس ، أنا أبو القاسم عبيد الله بن محمّد بن أحمد ، نا إسحاق بن محمّد ، نا أبو بكر صديق (٢) الأصبهاني ، نا أبو القاسم نصر بن جامع ، أنا عبيد الله بن هارون الصوّاف ، نا أحمد بن بحر بن عمرو مولى عثمان بن عفّان ، نا حمدان بن عبد الله الأبلّي ، نا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«هبط عليّ جبريل ومعه قلم لمن ذهب إبريز ، فقال لي : إنّ العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يقول لك : حبيبي ، قد أهديت القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان ، فأوصله
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» : فدفع ، وبعدها بياض وفي وسط البياض ضبة.
(٢) في «ز» : أبو بكر بن صديق.