يقفل ويدخل معقّبتها ، ثم اغترّهم فأغزاهم يزيد ابنه في جماعة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في البر والبحر حتى أجاز بهم الخليج وقاتلوا أهلها على بابها ، وقفل ، قالوا : فلم يزل معاوية على ذلك حتى مضى لسبيله ، وكان آخر ما وصّاهم به أن شدّوا خناق الروم ، فإنكم تضبطون بذلك غيرهم من الأمم.
قال : وأنا ابن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (١) ، نا عبد الرّحمن بن إبراهيم ، عن الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبد العزيز قال :
لما قتل (٢) عثمان واختلف الناس ، لم تكن للناس غازية ولا صائفة حتى اجتمعت الأمة على معاوية سنة أربعين ، وسمّوها سنة الجماعة.
قال سعيد : فأغزي معاوية الصوائف ، وشتّاهم بأرض الروم ست عشرة (٣) صائفة تصيف بها وتشتوا ، ثم تقفل وتدخل معقّبتها (٤) ، ثم أغزاهم معاوية ابنه يزيد في (٥) سنة خمس وخمسين في جماعة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في البر والبحر حتى أجاز بهم الخليج ، وقاتلوا أهل القسطنطنية (٦) على بابها ، ثم قفل.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا إبراهيم ، أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال : عاش معاوية عشرين سنة إلّا أشهرا حج فيها حجتين (٧).
قال : وأنا يعقوب ، نا ابن بكير قال : قال الليث :
__________________
(١) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ١٨٨.
(٢) مكانها بياض في م.
(٣) بالأصل والنسخ : ستة عشر.
(٤) المعقّبة واحده معقّب ، وهو الذي يغزو غزوة بعد غزوة ويسير سيرا بعد سير ، ولا يقيم في أهله بعد القفول.
والتعقيب : أن تغزو ثم تثني أي ترجع ثانيا من سنتك (تاج العروس : عقب).
(٥) مكانها بياض في «ز» ، وعلى هامشها : طمس. وليست اللفظة في م.
(٦) كذا بالأصل والنسخ.
(٧) البداية والنهاية ٨ / ١٤٢.
وقوله : عاش ، يعني أيامه في الخلافة ، من يوم أصبح خليفة إلى تاريخ وفاته.