أخبرنا أبو الحسن المالكي ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمّد بن زبر ، نا أحمد بن عبيد بن ناصح ، نا الأصمعي (١) ، عن الهذلي ، عن الشعبي قال :
لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة ، تلقّته رجال من وجوه قريش ، فقالوا : الحمد لله الذي أعزّ نصرك ، وأعلى أمرك ، فما ردّ عليهم جوابا حتى دخل المدينة ، فقصد المسجد ، وعلا المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أمّا بعد ، فإنّي والله ما وليت أمركم حين وليته وأنا أعلم أنكم لا تسرّون بولايتي ولا تحبّونها ، وإنّي لعالم بما في نفوسكم ، ولكني خالستكم بسيفي هذا مخالسة ، ولقد رمت (٢) نفسي على عمل ابن أبي قحافة ، فلم أجدها تقوم بذلك ، وأردتها على عمل ابن الخطّاب فكانت عنه أشد نفورا ، وحاولتها على مثل سنيّات عثمان ، فأبت عليّ ، وأين مثل هؤلاء ، هيهات أن يدرك فضلهم أحد ممن بعدهم ، رحمة الله ورضوانه عليهم ، غير أنّي قد سلكت بها طريقا فيه منفعة ولكم فيه مثل ذلك ، ولكلّ فيه مواكلة حسنة ومشاربة جميلة ما استقامت السيرة وحسنت الطاعة ، فإن لم تجدوني خيركم ، فأنا خير (٣) لكم ، والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه ، ومهما تقدم مما قد علمتموه فقد جعلته دبر أذني ، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كلّه ، فارضوا مني ببعضه ، فإنها ليست بقائبة قوبها ، وإن السّيل (٤) إذا جاء تترى ، وإن قلّ أغنى ، وإياكم والفتنة ، فلا تهمّوا بها ، فإنها تفسد المعيشة ، وتكدّر النعمة ، وتورّث الاستئصال ، وأستغفر الله لي ولكم ، ثم نزل.
قال أبو جعفر : القائبة : البيضة ، والقوب الفرخ ، يقال : قابت البيضة تقوب إذا انفلقت عن الفرخ.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو بكر محمّد بن المظفّر بن بكران ، أنا أبو الحسن العتيقي ، أنا يوسف بن أحمد ، أنا أبو جعفر العقيلي (٥) ، نا يحيى بن عثمان ـ يعني ابن صالح ـ نا أبو صالح ، حدّثني الليث ، حدّثني علوان بن صالح ، عن صالح بن كيسان.
__________________
(١) من طريقه رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ١٤١ والذهبي في تاريخ الإسلام (٤١ ـ ٦٠) ص ٣١٢ وسير الأعلام ٣ / ١٤٨ من طريق أبي بكر الهذلي.
(٢) سير الأعلام : أردت.
(٣) بالأصل وم ود : خيركم ، والمثبت عن «ز» ، والمصادر.
(٤) بالأصل و «ز» ود ، وم : السبيل ، والمثبت عن المصادر.
(٥) رواه العقيلي في الضعفاء الكبير ٣ / ٤٢١ في ترجمة علوان بن داود البجلي ، ومن طريق الليث رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ١٤١.