وفي زمن المأمون :
وقف رجل بباب عبد
الله المأمون ، ثم رفع صوته وقال : أيها الناس ، اعلموا أني أنا أحمد رسول الله
المبعوث إلى الناس كافة إنسها وجنها وأحمرها وأسودها.
فلما فرغ من مقاله
، أعلموا به الأمير ، فطلبه. فلما دخل عليه قال له : ويلك ، ما تقول؟ تدعي أنك نبي
مرسل؟
قال : معاذ الله
يا [أمير المؤمنين] ، إنما قلت : أنا أحمد الرسول إلى الناس كافة ، أفلا تحمده أنت
يا أمير [المؤمنين]؟!
قال : والله إني
لأحمده وأنني [أصلي] عليه صلوات الله عليه ، ولكن ما حملك على هذا؟
فقال : الفقر
والفاقة وعدم الوصول إليك. فأعجبه حيلته ، وأمر له بمال جزيل وانصرف داعيا له.
/ تعنيف :
قيل : كان رجل من
كبار أهل العلم يقرأ عليه ولد في غاية الجمال ، فأحبه محبة عظيمة حتى ظهر العشق
عليه ، فبلغ شخص من إخوانه من العلماء ، وكانا قليلا ما يجتمعان ، فأرسل يعنفه بما
بلغه من المحبة يقول :
اقرأ كتابي ولا
تلقيه في عجل
|
|
وإن تكن لمعال
النصح تجثيني
|
/ طفل صغير سباك العشق ناظره
|
|
هذا هو النقص في
فضل وفي أدبي
|
ولست أرضى بما
صرت أسمعه
|
|
فاردد جوابي بما
أرجوه من طلبي
|
الجواب : فلما
وصلت إليه رسالة التعنيف كتب الجواب ، ثم أرسله بصحبة محبوبة. فلما رآه كاد يذهب
بعقله ، وقرأ الجواب فإذا :
الجواب
ألقي كتابي الذي
وافاك حامله
|
|
فهو الذي فيه
للتعنيف تذهب بي
|
ودقق الفكر في
معنى شمائله
|
|
ترى قواما ما يحاكي بأنه القصب
|
وانظر سيوف لحاظ
منه فاتكة
|
|
فالسيف أصدق
أنباء من الكتب
|
الجواب الثاني :
فلما قرأ الكتاب
رد الجواب بالتوبة عن العذل والعتاب وقال :
__________________