فلما أتى عمرا الكتاب ، جمع الناس ، وقرأ عليهم كتاب عمر ، ثم دعا أولئك النفر ، فقدّمهم أمام الناس ، وأمر الناس أن يتطهّروا ، ويصلّوا ركعتين ، ثم يرغبوا الى الله عزوجل ويسألوه النصر ، ففعلوا ففتح الله عليهم (١).
ويقال إن عمرو بن العاص استشار مسلمة بن مخلّد كما حدثنا عثمان بن صالح ، عمّن حدثه ، قال : أشر علىّ فى قتال هؤلاء ، فقال له مسلمة : أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتعقد له على الناس ، فيكون هو الذي يباشر القتال ويكفيك. قال : عمرو ومن ذلك؟ قال : عبادة بن الصامت. قال : فدعا عمرو عبادة فأتاه ، وهو راكب على فرسه ، فلما دنا منه أراد النزول ، فقال له عمرو : عزمت عليك إن نزلت ناولنى سنان رمحك. فناوله إياه ، فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له ، وولّاه قتال الروم. فتقدّم عبادة مكانه ، فصافّ الروم وقاتلهم ، ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومهم ذلك.
حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم ـ قال : لما أبطأ على عمرو بن العاص فتح الإسكندرية استلقى على ظهره ، ثم جلس فقال : إنى فكّرت فى هذا الأمر فإذا هو لا يصلح آخره إلا من (٢) أصلح أوّله ، يريد الأنصار ؛ فدعا عبادة بن الصامت ، فعقد له ، ففتح الله على يديه (٣) الإسكندرية فى يومه ذلك (٤).
ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيّوب ، وخالد بن حميد ، قال : حاصروا الإسكندرية تسعة أشهر بعد موت هرقل وخمسة قبل ذلك ، وفتحت يوم الجمعة لمستهلّ المحرّم سنة عشرين.
حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار ، حدثنا ابن لهيعة ، عن بكير بن عبد الله ، عن بسر بن سعيد ، عن جنادة بن أبى أميّة ، قال : دعانى عبادة بن الصامت يوم الإسكندرية ، وكان على قتالها ، فأغار العدوّ على طائفة من الناس ولم يأذن لهم بقتالهم ،
__________________
(١) عن هذين الخبرين قارن بالسيوطى ج ١ ص ١٢٠ وهو ينقل عن ابن عبد الحكم.
(٢) أ : «لمن».
(٣) ب ، ج ، د : «يده».
(٤) قارن بالسيوطى ج ١ ص ١٢٠.