أحبّ أن لى بأبى أبا رجل من العرب ، وما أحبّ أن الله يعلم أنّ عينى دمعت عليه جزعا ، وأن لى حمر النعم ، ثم كبّر.
حدثنا سعيد بن عفير ، قال : ودفن بالمقطّم من ناحية الفجّ ، وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز (١) ، فأحبّ أن يدعو له من مرّ به ، وفى ذلك يقول عبد الله بن الزبير :
ألم تر أنّ الدهر أخنت ريوبه (٢) |
|
على عمرو السهمىّ تجبى له مصر |
فأضحى نبيذا بالعراء وضلّلت |
|
مكائده عنه وأمواله الدثر |
ولم يغن عنه جمعه واحتياله |
|
ولا كيده حتّى أتيح له الدهر |
ذكر فتح إفريقية
ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال : فلما عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر ، وأمّر عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، كان يبعث المسلمين فى جرائد الخيل كما كانوا يفعلون (٣) فى أيام عمرو ، فيصيبون من أطراف إفريقيّة ويغنمون ، فكتب فى ذلك عبد الله بن سعد إلى عثمان ، وأخبره بقربهم من حرز المسلمين ، ويستأذنه فى غزوها.
فندب عثمان الناس لغزوها بعد المشورة منه فى ذلك ، فلما اجتمع الناس أمرّ عليهم عثمان الحارث بن الحكم إلى أن يقدموا على عبد الله بن سعد مصر فيكون إليه الأمر.
فخرج عبد الله بن سعد إليها ، وكان مستقرّ سلطان إفريقية يومئذ بمدينة يقال لها قرطاجنّة ، وكان عليها ملك يقال له جرجير ، كان هرقل قد استخلفه ، فخلع هرقل وضرب الدنانير على وجهه ، وكان سلطانه ما بين أطرابلس إلى طنجة.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن لهيعة ، قال : كان هرقل استخلف جرجير فخلعه.
قال : ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال : فلقيه جرجير فقاتله فقتله
__________________
(١) انظر السيوطى ج ١ ص ٢٢٤.
(٢) ب ، ج : «ديونه».
(٣) ج : «يقطعون».