فيسيرون حتى ينزلوا منف ، فيظهر لهم كنز فرعون ، فيأخذون منه ما يشاءون ، فيقولون : ما نبتغى غنيمة أفضل من هذه ، فيرجعون ، ويخرج المسلمون فى آثارهم فيدركونهم فيقتتلون فتهزم الحبش فيقتلهم المسلمون ويأسرونهم ؛ حتى إن الحبشىّ ليباع بالكساء*).
ذكر ظهور الروم وفارس على مصر
قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره ، قال : (١) ثم ظهرت الروم وفارس على سائر الملوك الذين فى وسط الأرض ، فقاتلت الروم أهل مصر ثلاث سنين يحاصرونهم ، وصابروهم القتال فى البرّ والبحر ، فلما رأى ذلك أهل مصر صالحوا الروم ، على أن يدفعوا إليهم شيئا مسمّى فى كلّ عام ، على أن يمنعوهم ويكونوا فى ذمّتهم. ثم ظهرت فارس على الروم ، فلما غلبوهم على الشام ، رغبوا فى مصر ، وطمعوا فيها ، فامتنع أهل مصر ، وأعانتهم الروم ، وقامت دونهم ، وألحّت عليهم فارس ، فلما خشوا ظهورهم عليهم صالحوا فارس ، على أن يكون ما صالحوا به الروم بين الروم وفارس ، فرضيت الروم بذلك حين خافت ظهور فارس عليها فكان ذلك الصلح على أهل مصر. وأقامت مصر بين الروم وفارس نصفين سبع سنين ، ثم استجاشت الروم ، وتظاهرت على فارس ، وألحّت بالقتال والمدد ، حتى ظهروا عليهم وخربوا مصانعهم (١) أجمع ، وديارهم التى بالشام ومصر ، وكان ذلك فى عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقبل وفاته ، وبعد ظهور الإسلام ، فصارت الشام كلّها وصلح أهل مصر كلّه خالصا للروم ، ليس لفارس فى شىء من الشام ومصر شىء (*).
وحدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب قال : كان المشركون يجادلون المسلمين بمكّة فيقولون : الروم أهل كتاب وقد غلبتهم المجوس وأنتم تزعمون إنكم ستغلبون بالكتاب الذي معكم الذي أنزل على نبيّكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله تبارك وتعالى (الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ
__________________
(* ـ *) قارن بالسيوطى ج ١ ص ٥١.
(١) مصانعهم : د «مصانعتهم».