برأسه ، فقال عمرو بن العاص : تتغضّبون كأنكم تتغضّبون على من يبالى بغضبكم ، احملوا على القوم إذا خرجوا فاقتلوا منهم رجلا ، ثم ارموا برأسه يرموكم برأس صاحبكم ؛ فخرجت الروم إليهم ، فاقتتلوا ، فقتل من الروم رجل من بطارقتهم ، فاحتزّوا رأسه ، فرموا به إلى الروم ، فرمت الروم برأس المهرىّ إليهم ، فقال : دونكم الآن ، فادفنوا صاحبكم.
وكان عمرو بن العاص كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، يقول : ثلاث قبائل من مصر ، أمّا مهرة فقوم يقتلون ولا يقتلون ، وأمّا غافق فقوم يقتلون ولا يقتلون (١) ، وأمّا بلىّ فأكثرها رجلا صحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأفضلها فارسا.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ضمام بن إسماعيل ، حدثنا عيّاش بن عباس ، أنه قال : لمّا حاصر المسلمون الإسكندرية ، قال لهم صاحب المقدّمة : لا تعجلوا حتى آمركم برأيى ، فلما فتح الباب دخل رجلان ، فقتلا ، فبكى صاحب المقدّمة ، فقيل له : لم بكيت وهما شهيدان (٢)؟ قال : ليت أنّهما شهيدان ، ولكن (٣) سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : لا يدخل الجنّة عاص ، وقد أمرت ألّا يدخلوا حتى يأتيهم رأيى ، فدخلوا بغير إذنى.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا الليث بن سعد ، عن موسى بن علىّ ، أن رجلا قال لعمرو بن العاص : لو جعلت المنجنيق ورميتهم به لهدم منه حائطهم ، فقال عمرو : أتستطيع أن تغبّى مقامك من الصفّ؟ قال الليث : وقيل لعمرو ، إن العدوّ قد غشوك ، ونحن نخاف على رائطة ، يريدون امرأته ، قال : إذا تجدون رياطا كثيرة.
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح ، قال : حدثنى خالد بن نجيح ، قال : أخبرنى الثقة أنّ عمرو بن العاص قاتل الروم بالإسكندرية يوما من الأيام قتالا شديدا ؛ فلما استحرّ القتال بينهم بارز رجل من الروم مسلمة بن مخلّد ، فصرعه الرومى وألقاه عن فرسه ، وهوى (٤) إليه ليقتله حتى حماه رجل من أصحابه ؛ وكان مسلمة لا يقام لسبيله (٥) ،
__________________
(١) ولا يقتلون : سقطت من طبعة عامر.
(٢) ج : «سعيدان».
(٣) ك : «ولكنى».
(٤) ج ، د ، ك : «وأهوى».
(٥) ب ، ج ، د «بسبيله».